بقلم … ميشال سعادة
نَصٌّ أُحِبُّهُ
_ لمَاذَا ؟
لَستُ أَدرِي …
خُبْزَةُ القُرْبان
… وَتَسأَلُنِي عن وِلادَةِ القَصِيدَهْ
كيفَ تَصِيرُ امرَأهْ ؟
وتُلِحُّ تَسألُنِي عَنِ الحُرُوفِ
عَنِ الكَلِمِاتِ
عَنِ الإشَارَاتِ
عَنْ رِيَاحٍ تَعصِفُ فِي أَحشَاءِ المَعَانِي
ثُمِّ تَقُولُ _
لمَ أَيَّامُكَ رَمَادٌ يَلبَسُ القَصِيدَةَ
وَرُوحُكَ لا تَزَالُ نَارًا ؟
لمَ شُبَّاكُ الأبجَدِيَّةِ مَفتُوحٌ عَلَى أَحوَالِي
وَبَيتُكَ خَابِيَةٌ لِلمَلذَّاتِ ؟
يا امرَأة !
شَرَّعتُ صَدرِي للبَحرِ
حَمَّلتُ كَلِمَاتِي نَحِيبَ العَاصِفَةِ
أَوجَاعَ المَوجِ وَحَنِينَ المَاءِ
قُلتُ لِمَركَبٍ يَتَهَادِى _
إِحمِلْ يِأسَ شَعبٍ
وَنِدَاءَ حَبِيبَةٍ تَنزِفُ كالأَرضِ
شَوقًا لمِيلادِ الحَقِيقَة
وَقُلتُ _
حَيَاتنا قَصِيرَةٌ .. هَزِيلَةٌ
وَالعُمرُ يَمضِي
وَالتَّارِيخُ هَذَا العَنِيدُ
وَجَعٌ لَوَّنَتهُ الغُربَةُ بِأَلوَانِ اللَّيلِ
خَلَعَتْ عَلَيهِ أَثوَابَ الرِّيحِ وَالغُبَارْ
قُلتُ للمَطَرِ _
يا مطَرُ انحَدِرْ
أَغسِلِ الأرضَ
كادتْ قَصِيدَتِي تَختَنِقُ
بَلِّلْ شَفَتَيهَا بِلُعَابِ زَهرَةٍ
بِرِحِيقٍ
بِقَطَرَاتِ نَدًى
رُبَّما تَنقُلُ القصيدةُ كَسرَةَ خُبزٍ
لأَطفِالٍ جِيَاعٍ
مَلُّوا الصَّلاةَ وطُقُوسًا بَالِيَه
يا مطَرْ _
لا يَزَالُ الشِّعرُ أَكثَرَ اخضِرَارًا
مِن نَخلَـةٍ
أَطيَبَ مِن صَلاةٍ
مِن رَملٍ مِن حَجَرْ
يا مَطَرْ !
حَنَانَكَ لأَرضِنَا
لأطفِالٍ مِن بَعدِنَا
بَيتُنَا صَارَ خَرَابًا
أرضُنَا مَصلُوبَةٌ
زَوِّدنَا بِلَهِيبِ قَصَائدَ تَبنِي سَمَاءً جَدِيدَهْ
يا مَطَرْ !
بَحرُكَ رَحبٌ
خَزَّانُ حِبرٍ يُخَفِّفُ الجِرَاحَ
يُعَلِّمُ الحُبَّ
سَاعِدْ وَطِنًا كَي يَحيَا
رُوحِي كَئِيبَـةٌ
لا أملِكُ سِوى قَلَمٍ
حَرفٍ وَوَرَقَهْ
لا مُلكَ لِي غَيرَ الشِّعرِ
سُبحَانَ الَّذِي قَالَ _
[ ملكي ليسَ من هذا العالم ]
عَلِّمنِي يا مَطَرْ
كيفَ أغسِلُ حُرُوفَ الأبجَدِيَّة
لا تَجعَلنِي حَجَرًا
يَتَوَسَّدُهُ الرَّاحِلُونَ
بَل تُرَابًا أُحِبُّهُ حُبِّيَ للمَاءْ
عَلِّمنِي الرَّفضَ عِوَضَ البُكَاءْ
مُدَّ كلِمَاتِي بنُسغِ الحَيَاةِ
وَِابكِ على أرضِنَا
فَشَعبِي يَستَحِقُّ البَقَاءْ
خُذْنَا يا مَطِرُ بَعِيدًا مِن صَحرَاءَ
مِن رَملٍ مِن غُبَارْ
خُذنَا عَلَى جَنَاحِ مَائِكَ
فِي حَوضِ بَيتِنَا وَردَةٌ
كادَ يَخنُقُهَا الإنتِظارُ
وَيَذبُلُ في وَجنَتَيهَا الإحمِرَارُ
وَهَذَا العُصفُورُ فِي القَفَصِ
عَلِّمْهُ كيفَ يَقضِمُ القُضبَانَ
يَحَطِّمُ القَهرَ
كيفَ يَطِيرْ
عَلِّمْهُ يَكتُبُ قَصَائدَهُ
فِي دَفتَرِ الفَضَاءْ
عَلِّمْهُ يَستَعِيدُ صَدَاقَةَ البَرقِ
وَالرَّعدِ وَالرِّيحْ
حَمِّلْهُ رِسَالَةً إلى حَبِيبَةٍ مُرتَبِكَةٍ
وَجهُهَا قَمَرٌ يُطِلُّ عَلَى صَهوَةِ الكَلِمَاتِ
تَتَنَهَّدُ وَحِيدَةً
عَلَى كَتِفِ غَيمِةٍ بَيضَاءَ
لليأسِ تَقُولُ _
أَمنَحُكَ ثَوَانيَ لتَغرُبَ عَن وَجهِي
فالأرضُ بَين يَدَيَّ كُرَةٌ
أكتُبُ تَارِيخَهَا عَلَى خَدِّ نَجمَةٍ
جَلَسَتْ عِندَ البَحرِ تُنَاجِي المَاءَ
يَعلُو يَنخَفِضُ
لا هُوَ أرضٌ
لا هُوَ سَمَاءْ
حَبِيبَةٌ تَشهَدُ للشِّعرِ
عَينَاهَا نَجمَتَانِ
وَالوَجهُ فَضَاءٌ وَكِتَابْ
تَشهَدُ لِقَصِيدَةٍ أحرَقَتْ كَلِمَاتِهَا القَدِيمَهْ
لتَصِيرَ الحُرُوفُ بِطَعمِ الحَيَاةِ جَدِيرَهْ
حَبِيبِةٌ جَلَسِتْ عَلَى خَدِّ الشِّعرِ
آمِرَةً أَمِيرَهْ
يا مَطَرْ !
إفسِحْ لهَا الطَّرِيقَ كَي تَعُودَ بِسَلامٍ
بَيتُهَا يَتَعَذَّبُ
وَحِيدًا يَشتَاقُ طَلَّتَهَا عِندَ الصَّبَاحْ
تَحرِسُهُ شُجَيرَاتٌ وَقَرمِيدٌ خَجُولْ
يَشتَاقُهَا القِفلُ
صَوتُ البَابِ وَالمِفتَاحْ
وَكُرسِيٌّ فِي الزَّاوِيةِ
إِلَيهِ جَلَسَتْ مَعَ كَوكَبِ السَّهَرْ
تُعَانِقُ حَصَادَ الأيَّامِ
وَقَريَةً ضَمَّتْ مَلاعِبَ الحَنِينْ
أنبَتَ عُشبُهَا قَصَائِدَ الحُبِّ والحَرِيرْ
وَاتِّكَأَ النَّهَارُ عَلَى كَتِفِ لَيلٍ
فَرَشَتْ نُجُومُهُ ضَوءَ غُرفَتِهَا وَالسَّرِير
يا مَطَرْ !
سَاعِدْنِي كَي أَظَلَّ عَاشِقًا هَذِي القَصِيدَهْ
مُدَّ يَدِي بِالحِبرِ بِالكَلِمِاتْ
أَسعِفنِي كَي أفُكََ السِرَّ
وَأفقَهَ لُغزَ الإشَارَهْ
مُدَّنِي بِمَاءِ الحُبِّ
كَي أقتُلَ يَأسًا كادَ يَقتَرِبُ
فَأنَا لهِا
للحُبِّ للشِّعرِ
رَفَعتُ الكَأسَ
أنتَظِرُ خُبزَةَ القُربَانْ
بقلم ميشال سعادة
Discussion about this post