لا مفرّ، يجب أن تقرأ. لا تحاول أن تتحايل على أهمية المسألة بالقراءة في المواقع الاجتماعية. هذه ليست قراءة، هذا تضيع وقت. أعرف أن الجلوس مع الأصدقاء في المقهى أمر مسلي، وأن الأحاديث البسيطة التافهة أمر مريح، والاهتمام بالأشياء الصغيرة ومتابعة الموضة في الملابس والسيارات وغيره من مقتنيات الحياة المادية أمر يبعث على السرور، والسفر والاستمتاع بالأماكن الجديدة أمر مبهج، كل هذا أمر جميل، لكن هذا من وقت لآخر، ليس أن يكون طابع حياتك الرئيسي. في طابع حياتك الرئيسي لابد أن يكون “الكتاب” في الواجهة. هذه ليست دعوة للثقافة، هذا دعوه لإنقاذ عقلك من فخ الضحالة. أنت لا تعرف، ولن تعرف ماذا تخسر بعدم قراءتك للكتب، حتى تقرأ فعلياً. ستكتشف كل الأشياء التي فاتتك. كل العوالم التي كانت ستجعل حياتك أثمن لو أنك فقط اهتممت بقضاء وقت أكثر في القراءة، لو أنك توقفت عن تضييع كل تلك الساعات الكثيرة في الثرثرة، الثرثرة على المقاهي، وفي المكالمات الهاتفية، وعلى الانترنت، كل تلك الأوقات التي قضيتها مسترخياً مثرثراً في كلام لا يعني أي شيء، كلام يرحل، مع رحيلك. لو تعرف، أنك لو كنت قد قضيت تلك الأوقات في قراءة الكتب لكانت ثرثرتك الآن مختلفة، لكنت شخصاً مختلفاً، لكانت الأوقات التي تقضيها في الأيام لها نكهة القهوة المسكرة وجمال الغروب وروعة ابتسامة حبيبتك وبهجة السفر. لو كنت تعرف قيمة الكتب، وجلست بكل كينونتك لتقرأ كتاباً.. لكنت الآن انسانا في عمق بحر، ولكان ذلك شعور مريح ستحبه. ستحب ألا تكون صغيراً كبركة راكدة، أو ضيقاً كمجرى نهري مخنوق، ستحب أن تكون واسعاً كبحر ، شاسعاً كسماء، مختلفاً مهما تشابهت مع غيرك، قوياً راسخاً وثابتاً كجبل لا تهزه رياح الأهواء وأمزجة البشر واختلاف المصالح وتقلبات الحياة، جبل عارف دوره وحجمه وقيمته لا يزعزعه شيء. لو كنت تقرأ لكنت بحر وسماء وجبل، ولأنقذت روحك من فخ الضحالة؛ تلك البركة الآسنة المليئة بالطفيليات والكائنات الضارة. الضحالة، على خفة ما يحويه عقلك تجعلك ثقيل في الروح، وروح ثقيلة لا تعرف البهجة مهما اختبرت من مباهج. مسرّات الحياة المادية ستمنحك الرفاه على السطح، لكن مسرات الكُتب، الكتب يا صديق، ستثري روحك، وحين تكون ثرياً في الروح تصبح كل المقتنيات غالية الثمن في عينيك رخيصة، فتكف عن اللهاث وتجلس لتستريح بحكمة الرضا واطمئنان اليقين.
Discussion about this post