مشاعر بقلب الأستاذ…
جلال منتصر
نعم تلك الرسالة هي لك .. نعم لك أنت .. بصفتك صديق ( زياد جلال ) .. في مشهد موت زياد صاحبك .. بدت عليك ظواهر التأثر والحزن الشديد من هول المفاجأة وكأنك غير مصدق خبر موته .. هل ألجأتك الصدمة إلى الصمت الرهيب .. أم الصراخ المفاجئ .. أم تجمدت اناملك وارتعشت اطرافك .. أم ألجأتك إلى الحيرة والاضطراب والقلق المصاحب لسؤال غريزي .. كيف حدث ذلك !!
نعم مات زياد ! فهل انزعجت على مستقبل زياد مع الله وبدء رحلة الحساب ! .. هل قدرت كيف سيمر زياد باختبارات القبر المرعبة ويجتازها بنجاح ! .. هل توقعت لزياد النجاة من عذاب القبر ! .. هل رجوت الله مرقدا آمنا لزياد في قبره !! .. هل طمعت أكثر فتمنيت من الله أن يكتب زيادا من الشهداء !
نعم انت انزعجت .. وخشيت تعثره وقلقت عليه من اختبارات الساعات الأولى ومشهد المحاسبية المرعب .. ولكنك رجوت ودعوت الله أن يهبه مرقدا آمنا وقبرا مضيئا فسيحا .. وطمعت أكثر وأكثر .. وطلبت الله له شهادة وجنة بغير حساب .. نعم أنت فعلت ذلك وأقمت عليه .. وكنت في طلبك شغوفا لحوحا لا تهدأ .. ولكن هل لديك موجبات ومستندات استجابة تلك الدعوات العظيمة وتحقق تلك الأمنيات الكبيرة .. !!
نعم لدينا موجبات ومستندات وبشارات وقيم تدعونا بل تدفعنا دفعا .. لما دعونا الله به وعنده سبحانه ما هو أكثر وأشمل وانعم مما رجونا ودعونا .. نعم أنت تعرف أن :
– زياد ملتزم بالصلاة المكتوبة على وقتها منذ أكثر من ستة أشهر
– زياد اقلع عن التدخين وتحدى تلك العادة المحرمة .
– محى وازال من هاتفه جميع ما كان عليه من أغاني ومقاطع هزلية
– حمل على هاتفه نطبيقات القرآن الكريم ومقاطع إسلامية توعوية
– زياد دعا بعضا من أصحابه ( بتنظيف ) هواتفهم من الموسيقى والاغاني
– دعاهم دعوة صادقة وعزم عليهم الإقلاع عن التدخين وبين لهم ما يشعر به بعد الإقلاع من سعادة وفرح
ذلك ولم يعلم أنه سيموت الآن .. تلك الارهاصات والاستعدادات والفعاليات كانت تلقائية وطبيعية .. لا تدل إلا على حسن الخاتمة .. أضف إلى ذلك ما تشهد له به أنت وما تمتلكه من صفات مماثلة من نقاء السريرة وحلاوة المعشر وشغف لقاء الأصدقاء والسؤال عنهم وملازمتهم واعانتهم عند الحاجة بحب وود كبيرين .. أضف إلى كل ذلك مشهد جنازته الرهيب الذي وفق الله أبناء المدينة ونواحيها والمدن والقرى المجاورة وهيأ لهم أسباب تحقق الصلاة عليه وتشييعه ودفنه .
نعم أنت حزنت عليه ويكيته وبكيناه وبكته أمه .. ولكن ما خفف عنا وعنك تلك اللوعة وشدة الحزن واحالنا إلى الفرح والسعادة والتفاؤل واحسان الظن بالله .. هي تلك الشواهد وهذه الفعاليات الجميلة والتغيرات التي طرأت بشكل مقصود ومتعمد على آخر ستة أشهر من حياة ( صاحبك زياد ) والتي يعدها علماء المسلمين وعامتهم ( علامات حسن الخاتمة ) .
فحق لك يا صديق زياد أن تطلب له من الله ما شئت من نعيمه ورضاه ومثوبته .. وواجب عليك أن تحذر وتقلق على نفسك حيث أنك لن تصير إلى ما صار اليه زياد ( بإذن ربه ) .. إلا أن تبدأ بما انتهى اليه زياد وتكن مستعدا لتلك اللحظة التي لم يكن يتوقعها زياد ان تحدث الآن .. وتدبر قول احدى قريباتي المعزيات لي ببساطة شديدة وتلقائية معهودة ( ولدك في الجنة .. عس على حالك ) !
Discussion about this post