خناقة تكتوكية في شارع شعبى
بقلم الكاتب الصحفي … سعيد الخولى
بينما أقود سيارتى في شارع مزدحم يكاد المارة يجدون موضعا لأقدامهم بالعافية،تنازعهم التكاتك بصراعها على المرور ذهابا وعودة،تفرض قانونا يحكم الآخرين في الشارع هو قانون:أنا ومن بعدى الطوفان. نعم هو قانون للحياة يلجأ الكثيرون إليه وقت الحاجة لتبرير عمل أي شيء،لكن التكاتك وسائقيها جعلوه قانونا حاكما للشوارع في أي وقت ومهما كان انسداد الشارع وتجمد الحركة أو سيولتها..بينما الأمر كذلك وأنا محكوم بسيارتى خلف أحد التكاتك يشاركنى المسار توكتوك عن يمينى يحاول الإفلات في مسار سنتيمترات معدودة،وثان على اليسار يلعب سائقه معى ومع من خلفنا لعبة اللى يفوت يموت؛المحصلة أننى كنت أسيرا بين توكتوك اليمين المخالف وتوكتوك اليسار المخالف وتوكتوك الخلف المناكف وتوكتوك الأمام الذى يحكمنا كلنا خلفه،وفجأة فوجئت بصبى لايزيد على عشر سنوات أو أكثر قليلا ينفلت من الكرسى الخلفى للتوكتوك الذى يسبقنى وأمامه كلب أسود ضخم هو بالفعل أكبر حجما من الصبى الممسك بحبله المربوط إلى حزام يحيط برقبة الكلب الأسود فاحم السواد وشديد الانزعاج أيضا فى نزوله المفاجئ وسط الشارع بين أقدام تحاول أن تجد لها موطئا تتحرك فيه وعجلات تتباين بين التكاتك والسيارات الخاصة تتصارع على الحركة المعجزة في ذلك الشارع العجيب الذى يبلغ عشرين مترا عرضا ،لكنه لايجد من اتساعه سوى مسار لسيارة ذاهبة وأخرى آيبة،ومع ذلك تجد الصراع بين صفين ذهابا ومثلهما عودة وما يزيد الطين بلة ذلك الخروج على النص لكل المحلات التجارية التى تفترش أمامها مايوازى عرضها وفى أى بقعة فراغ يكمن بائع بعربته اليد أو الكارو وعليها بعض من الخضار أو الفاكهة يتاجر فيه .ذلك الشارع الذى انتهكه الجميع ـ ومثله مئات الشوارع في قاهرة المعز وقليوبية محمد على وجيزة رمسيس ـ تغيب عنه عيون المحليات غيابا مستمرا لاينقطع إلا مع زيارة لأحد من رءوس الحى،أو للملمة مايسيغ لكل هذا الاضطراب وجودا آمنا برعاية صغار المتعاملين مع الشارع من المحليات ويتركون هذا الصراع المميت لقاء المعلوم المجهول.
أما الكلب الأسمر وصبيه فقد انطلقا في الشارع الأيمن وعيناى تتابعان هذا الكلب الضخم سريع الحركة رشيق القفزات تتهادى أطراف حبله في يد الصبى الذى أخذ يقلد كلبه حركة وقفزا تجاه بيتهم والشارع الضيق يوسع لهما الطريق خوفا من الكلب الذى كانت خصلات شعره الناعم الطويل تماثل خطوات راقصة باليه ترقص مستمتعة مع نفسها ولا تأبه للشارع ولا للمارة الذين اختلط ذهولهم بإعجابهم فى مشهد صنع فى مصر!
Discussion about this post