إذا ضاق بك المكان’

إذا ضاق بك المكان
غيّر اتجاه وجهك
إلى حيث تبتسم الصور من رحبها
هناك تجد ذاتك تنتظر وصولك
وتحسم وجهة خطاك
ربّما لتقبّل التراب
وتكتب الآيات العذاب
لحبيبة متخيّلة
كم برزت لك من حبر كتاب
تمسح على جبينك الحزن
وأثقال الأتعاب
ربّما هي بعيد
أو ثلجها يرمي ببياضه حتى حدود الصمت
عن مدينة العذاب
أو ربّما تنسيك
أو تلهيك
عن تذكّر مدينة الصعاب
والمستحيل الكذّاب
الّذي يعشش في خلاياها
مذ فتح التاريخ أسطره لقلم يخطّ
كلّ مساحات السّراب
فإذا ضاق بك المكان
بدّل حبّك
وأمضي بعيدا
لتجد قلبك سعيدا
بما لا تراه من خلفك
ومما تركت خلف السحاب
شقّ الطريق
خض العباب
ولا تقف
إلاّ أذا حطت أيامك رحلتها
وعبأت لك كأس الشراب
لتنخب الباقي من ساعات
يجتمع فيها الحبّ والذكريات
بكل من رحلوا
ومن تبق من الصحب والرفقة والأحباب
كن وحدك
لوحدك
ولا تعكس اتجاه ريحك
بل قس ألوان المدينة مما يجود به الضباب
وما ينطق منها
من جدرانها
من أباب بيوتها
من اكتئاب…
ومرّر سماحتك على الورق
تنافس روحك
على ركوب المخاطر
ومجاهل عمر مضى بغير حساب
إذا ضاق بك المكان
لا تلعب لعبة الذهاب بغير حقيبة
واحرق كلّ هويّة تعيدك إلى أوّل السطر
وبدّل لغتك
واقتلع من قلبك ما تبق من وهم حبّ
واذهب في ذهاب إلى ذهاب نحو ذهاب
لا فرق بين الأمكنة
كلها أرض
كلّها مسكن
كلّها تراب
وفيها مقابر للغرباء
فلا تجزع وأقم حيث تجد في روحك
بعض فرح
ونبيذ مستطاب
وأكتب شعرك لحسان
يجدن عليك
ويغدقنا الحبّ بغير سؤال
وسؤال يخالونه جواب
وقل للربّ
أنا قادم
وها هيئت قلبي اليك
فاحضن عمري
حتّى يستقرّ هانئا في هذا العالم الجبان
الكذّاب…
واترك الجاهلين في عماهم
ما همّك إذا (سلخت الشاة بعد ذبحها)
وما يقلقك إذا دفنوا مع الكلاب
واعشق كلّ طريق
يبدّل بصرك
ويهبك جمال الدنيا
وتكون في المسافة
وللمسافة رقما لا يزول
ولا يمحيه انتخاب أبناء القحاب
فإذا ضاق بك المكان
غيّر اتجاه وجهك
إلى حيث تبتسم الصور من رحبها
هناك تجد ذاتك تنتظر وصولك
وتحسم وجهة خطاك
وتكمل ربط لياليك بحلم الخالق
الخارق
الوهّاب…
11/05/2023

المختار المختاري ‘الزاراتي’