سيكولوجيّة المزاج عند الفتاة
(أثناء الدورة الشهرية ومحاربة الأعراض السيكوسوماتية)
بقلم:الدكتورة بهيّة الطشم
تشكّل الشخصية الهويّة الأساسية لكل ذات انسانية,اذ تنطبع كل شخصيّة بسِمات معينة ومتباينة مع الآخر ابّان رحلة حياتها,كما البصمة التي يتميز بها كل انسان عن آخر.
ولا يمكننا في هذا الصّدد اغفال أهمية المزاج(أحد ابرز مكونات الشخصية) وأهميته المؤثرة قي سيكولوجية كل انسان,ولا غرو في ذلك ,فالمزاج مركّب من الصفات الوجدانية الثابتة نسبياً والتي تسِم طبيعة الشخص الانفعالية وترتكز على تكوينه الكيميائي وترتبط بصلة وثيقة بالنواحي الفيزيولوجية وكذلك بالعوامل الفطرية والوراثية.
مع الاشارة الى أنه(المزاج) يمثّل مجموع الصفات المميزة لطبيعة الافراد والتي تجعلهم يتأثرون بالمواقف كلُ حسب طبيعته,ويصعب تغيير مزاج الفرد كونه يتأثر بعوامل وراثية كما أنّ تكوينه يحدّد النمط الحياتي وحالة الجهاز العصبي.
ومن البديهي, اختلاف الوضع المزاجي للمرأة عن مزاج الرجل,كذلك الأمر بالنسبة للحالة السيكولوجية للفتاة عن الوضع النفسي للمرأة حسب الفئة العُمرية من 50 الى 60.
ونستلهم من قول رائد علم الاجتماع أوغست كونت:”المرأة المُرهفة في حالة طفولة دائمة”,ما يعني دوماً أنّها بحاجة للاحتضان الجسدي والنفسي.
وبالعودة الى الموضوع المطروح : سيكولوجية المزاج عند الفتاة اثناء الدورة الشهرية,وهو على قدر كبير من الأهمية,سيّما وانّ الظروف النفسية تُرخي بظلالها على كل شؤون حياتنا,فالجسد هو آلة النفس على حدّ تعبير الفيلسوف ابن سينا والسلوكيات هي الترجمة للانفعالات النفسية والأفكار( الفطرية والمكتسبة)هي المحرّكة للشخصية..
يُجمع مجال الطب وكذلك علم النفس على أنّ مرحلة الحيض عند الفتاة ومنذ بلوغها (12 سنة) وهو العمر الذي تبلغ فيه الفتاة مرحلة البلوغ الجسدي ,حيث تبدأ هرمونات جسدها بالتغير وتبدأ باكتشاف مرحلة جديدة في عمرها.
وفي هذا الصّدد,يمكننا استقراء واجمال أهم وأبرز العوارض النفس –جسدية التي ئؤطّر مرحلة ما قبل الحيض وكذلك ذروة الفترة الزمنية للدورة الشهرية.
وفي ما يلي أبرز العوارض السيكوسوماتية للفتاة في تلك المرحل,وابرزها: الحالة المزاجية المكتئبة, ألم الثديين,الرغبة المُفرطة في الطعام ,الارهاق,صعوبة في النوم,ضعف في التركيز,
آلام المفاصل,الصداع, الارهاق, والاحساس بزيادة الوزن المرتبطة باحتباس السوائل وانتفاخ البطن, الغضب النسبي والتوتر,مع الاشارة الى أّن نسبة 5 من ستة نساء تشعر بهذه العوارض.
والأجدر بالاشارة بأنّ شدّة التغييرات والتأثيرات الانفعالية النفسيةوجسدية تختلف درجتها وحدّتها بين فتاة وأخرى.
والأهم أن لا تتحكّم تلك العوارض بمواقف حياة المرأة,ولا تتغلّب على تفكيرها سيّما اللواتي تعرّضن للتحرّش الجنسي.
اذاً, يؤدّي تقلّب مستوى السيروتونين (مادة كيميائية في الدماغ) ,والتي تلعب دوراً بارزاً في التحكّم في حالات المزاج,حيث أنّ نقص كمية السيروتونين( هرمون مسؤول عن السعادة) يؤدي الى ظهور الاكئئاب السابق للحيض.
ولعلّ النقطة الأبرز والتي يجب تسليط الضوء السّاطع عليها تتركّز في العمل على زيادة كمية السيروتونين التي تحفّز أثلام الدماغ للفتاة عبر الاستراتيجية السلوكية التالية:
– مخالطة الاشخاص الايجابيين واللعب مع الاطفال ولو لفترة وجيزة والابتعاد عن مصّاصي الطاقة.
– تناول الاطعمة الغنية بالمغنزيوم والاوميغا 3( الشوكولا الداكنة,الموز ,الأسماك ,الخضروات ذات اللون الأخضروالمشروبات الساخنة وخاصة الشاي الأخضر).
– ممارسة الهوايات سيّما رياضة المشي في الطبيعة.
– ممارسة اليوغا والاستماع الى النوع المفضل من الموسيقى خاصة الكلاسيكية.
– الاستحمام بمياه دافئة والاسترخاء وممارسة التنويم المغناطيسي الذاتي.
عدم التعرّض لمواقف انفعالية واستفزازية ,اذا ما حصل وفقدت الفتاة نسبياً السيطرة على ردة فعلها,يجب احتوائها ومعاملتها بهدوء واعطائها وقت كافي لتهدأ اعصابها.
– الابتعاد عن ممارسة العادة السرية وتجنّب الليبيدوLa libido
– تعزيز الطاقة الايجابية والمشاعر التفاؤلية والاصغاء الى اشارات الجسد باهتمام والقيام برحلة استجمام مهما كانت بسيطة.
– العمل على التصالح مع الفترة الصعبة التي تمر بها الفتاة في كل شهر,وممارسة فن النسيان أو التناسي للألم عبر الانشغال بالاهتمامات والنشاطات…
وأخيراً,يبقى القول بأن الفتاة خلال الدورة الشهرية تستطيع القيام بعلاج ذاتي لنفسها وبمقدورها التأقلم والتعامل الايجابي مع الفترة الصعبة وتفعيل الوعي بتجاوز أزمة الكآبة العابرة,فأكثر ما يساعد كل نفس نفسها ذاتها.
وفي الخلاصة, من الأهمية بمكان التأكيد بأنّ المرأة ذات الذكاء العاطفي والاجتماعي والتي تنزف من أوجاعها غالباً ما ترقص وجعاً على مسرح جراحها كي تضّمد جراح الآخرين.
Discussion about this post