حكايات رمضانية مع د عز الدين حسين أبوصفية

حكايات رمضانية :::

د عز الدين حسين أبوصفية

الحكاية الثانية… المسحراتي

عدة أيام مرت منذ بداية شهر رمضان المبارك ولم يظهر الحاج جمعة المسحراتي خلال ليالي تلك الأيام ، فانتاب سكان أهل الحي قلق كبير عليه وخوف من أن يكون سبب غيابه وعدم حضوره لممارسة مهنته التي مارسها على مدى أكثر من خمسة عقود أصابته بڨيروس كورونا الذي ينتشر بشكل متسارع في جميع أحياء المدينة ويصيب الشيوخ والشباب والأطفال ويحد من نشاط وحركة السكان وتواصلهم الإجتماعي ، ولم يشفع لهم شهر رمضان لممارسة التواصل الإجتماعي وصلة الأرحام أو حتى القيام بواجباتهم الدينية والإجتماعية كالسابق، وأُصيب سكان الحي بحالة من الخوف كحال جميع الناس لاسيما وأن البعض أُصيبوا بڨيروس الكورونا ومنهم من توفاه الله.
كان الحاج سعيد وهو بمثابة مسؤول عن الحي لاهتمام بشؤون الناس واحتياجاتهم ويساهم في إيجاد الحلول لمشاكلهم الشخصية وخلافاتهم مع الدوائر الحكومية والبلدية وشركة الكهرباء وغيرها من المؤسسات ، كان قد كلف بعض شباب الحي بالسؤال عن الحاج جمعة المسحراتي ومعرفة سبب انقطاعه عن ممارسة عمله كمسحراتي لسكان الحي ويدعونه للحضور إلى الديوان قبل آذان المغرب لتناول طعام الإفطار معنا .
تعَّود العديد من رجالات الحي التجمع في ديوان الحاج سعيد بعد صلاة العصر يمارسون حياتهم الرمضانية المفعمة بالإيمان و يمارسون قراءة القرآن والتسبيح و الاستغفار وسماع قراءة القرآن من بعض المُقرئين الذين يمرون بالمجالس والدواوين لقراءة القرآن فينابهم نصيبٌ من الرزق ؛ وكذلك الإستماع للدروس الدينية والوعظ والتفسير لبعض آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مع آذان المغرب كان قد حضر للديوان الحاج جمعة المسحراتي ألقى السلام على الجميع، فرحب به جميع من كان حاضراً وهم يستفسرون منه عن سبب غيابه هذه الأيام منذ بداية شهر رمضان ولم يأتِ لممارسة عمله لتسحير سكان الحيّ ، قاطعهم الحاج سعيد المختار وهو يقول دعونا نتناول طعام الإفطار ونؤدي صلاة المغرب ثم نتحدث ونتعرف على أسباب انقطاع الحاج جمعة عن عمله كمسحراتي لسكان الحيّ .
جلس جميع الحضور بعد انتهائهم من الصلاة وتناول طعام الإفطار يتناولون القهوة التي كان المختار قد أعدها مسبقاً ، فكان يتناول البكرج من على كانون النار ويصب قليلاً من القهوة في أحد الفناجين ويقوم أحد الغلمان بتمرير الفناجين إلى جميع الرجال الجالسين في الديوان ؛ أنتهى المختار من ضيافة الحضور وعاود الترحيب بهم ( أهلاً وسهلاً بالجميع ).
أهلاً وسهلاً بك يا مختار، و أهلاً بأخونا وحبيبنا الحاج جمعة المسحراتي والله مشتاقين لك ولسماع صوتك وحديثك الجميل، عساك بخير وبعيد عنك شر الكورونا .
أسئلة كثيرة انهال بها الحضور على المسحراتي للاستفسار عن سبب انقطاعه ويطالبونه بالعودة للممارسة عمله كمسحراتي لسكان الحيّ و مرحبابك بكل ما تطلبه من أجر أو مساعدة .
تنهد الحاج جمعة المسحراتي، قال لهم أنا أحبكم جميعاً وأمارس مهنة المسحراتي منذ أكثر من خمسة عقود، مررت بأجدادكم وآبائكم واليوم أنتم و أبنائكم ولم أتطلع يوماً لأيّ أجر رغم أن كل ليلة كانت بعض الأُسر ميسورة الحال تُعطيني قرشين أو ثلاثة قروش وبعضهم لا يعطيني شيء وآخرين من الأُسر مستورة الحال تُعطيني رغيف عيش أو حتى نصف رغيف ، ولم أنظر يوماً لأيّ أجر .
إذاً ما سبب انقطاعك يا حاج جمعة ؟
تعلمون أن الوضع الآن ليس كالسابق بسبب انتشار الكورونا و وزارة الداخلية حفاظاً على حياة الناس فهي تحد من حركتهم وتواصلهم وانتشارهم كما أنني لا أتمكن من الخروج ليلاً للممارسة تسحير السكان حيث يتطلب ذلك حصولي على تصريح من وزارة الداخلية وقد وعدوني الحصول علية غداً إن شاء الله .
يعني يا حاج جمعة أمورك تمام ولا مشكلة لديك الآن ، صحيح ولكن أحتاج أشياء جديدة من الحديّ والأشعار والأقوال ،
ضحك أبو حازم الجالس في ذاك الركن من الديوان يرتشف القهوة ويرقب هذا المشهد والحوار الرمضانيّ ثم وقف وقال :
كرمال خاطر المختار ورغبة المسحراتي وعلشان يظل التواصل و الاستمرار، هذه قصيدتي بعنوان ( المسحراتي ) أهديها ليكم وللحاج جمعة المسحراتي علشان يحدي بيها من هالليلة،
خليها من الليلة القادمة حتى أحصل على التصريح وأحفظ واحدي القصيدة ..
غمر السرور قلوب الجميع وانفض المجلس وانصرف كل واحدٍ لشأن يغنيه ترافقهم كلمات المختار، رافقتكم السلامة يا جيران الهنا .

يا مسحراتي
يا غندور
لف في الشوارع
والحارات
لف ودور
واقرع طبلك
الساحر والمسحور
وقول :
اصحَ يا نايم
وحد الدايم
وما تظل طول
الليل نايم
واعلم أن في
السحور بركه
وما تنساني
من السحور
*****.
أذكر الله
واعلم أن
رمضان كريم
من ربٍ عليم
اترك اليوم همك
وغمك
واعتمد على الله
ما بينفعك خالك
ولا عمك
صيامك وقيامك
هما سندك
*****.
أصحَ يا نايم
وحد الدايم
وما تظلك واهم
وهايم
أصحَ وقول
يا رب
فرج همنا
وكربنا
واحمينا من …
الكورونا والوباء
و ابعد عنا …
البلاء والوباء
وأعنا على
ذكرك وشكرك
وحُسن عبادك
ينجلي قلبك
ويصفى فكرك
ويدوم ذكر
الله الواحد الأحد
الفرد الصمد
يدوم في عقلك
*****.
أصح َيا نايم
وحد الدايم
رمضان كريم
وبكره في نفس
الميعاد جايين
يا عاشقين الصوم
والصايمين
كل عام وانتم طيبين
وبألف خير وسلام
واعلم يا صايم
أيام رمضان
ما بدها كلام
بدها عمل
وصلة أرحام
ومحبة و و ئام
وفي الليل بدها
أعتكاف و قيام
وفي النهار
بدها صدقات
وبدها صيام

كل عام والكل بألف خير ومحبة وسلام …

د. عز الدين حسين أبو صفية ،،،