مظاهـــر اســتعباد وتملّك الرجل للمرأة
الآثـــار الاجتماعية والنفسية
بقلــــــــم :
لميــــاء العامريــة
لم تزل الى يومنا هذا وفي اغلب المجتمعات العربية والعالمية ظاهرة استعباد المرأة وامتلاكها وفق عقلية السيد والعبد التابع المملوك ، والذي تكون مقدراته ومصيره بيد مالكه وسيده ،
كذلك هو الحال في عقلية بعض الرجال الذين يرون استعباد المرأة كعبدٍ مملوك على انها وقف خالص له منطلقين من مجموعة مفاهيم تفرضها عليهم عقليتهم الذكورية البحتة ، كما لم تزل صورة المرأة في المجتمعات ككائن اقل شأنا من الرجل ..
في هذا الصدد يقول الكاتب الانكليزي الساخر برنارد شو في احدى دعاباته الساخرة : ” الامريكي الابيض يحصر الاسود ( الزنجي ) في مرتبة ماسح الاحذية ، ويستنتج من ذلك انه لا يستطيع القيام بشيء سوى مسح الاحذية ”
هذه النظرة التمييزية والعنصرية تعكس الوضع على كل الظروف المشابهة من حيث النظرة الاستعلائية والفوقية ، وقد تشمل حتى نظرة الانسان الى اناث الحيوانات والمخلوقات كنظرة بيولوجية تميز بين الذكر والانثى .
اضطهاد واستعباد المرأة في حقيقته واقع ملموس لا يجد حلولا عملية حتى في القوانين والتشريعات الحكومية باعتبار ان القائمين على وضع قواعد اللعبة هم من الرجال وبغياب تام للمرأة ، وخير ما نجده في الواقع هو ما تتعرض لهن النساء من تعسف ذكوري يصل الى القتل وهدر الروح بيد الرجل او بميزان العدالة المائل في كفته للرجل ، او يدفع بالمرأة الى الانتحار ، ولم تغب عن اذهاننا قضية انتحار الكاتبة المصرية عنايات الزيات التي خاضت معاركها الانسانية للحصول على حق حضانة ابنها التي خسرتها بعد صراع طويل في اروقة المحاكم بسبب سوء القوانين التشريعية التي انحرفت حتى عن الحقوق التي نصت عليها الشريعة الاسلامية وبسبب غلبة الثقافة والعقلية الذكورية المتعسفة في اروقة المحاكم .. والامثلة اكثر مما يمكن ان تذكره كتب ومجلدات ..
وقد يقول البعض ان هناك منظمات وهيئات انسانية ترفع الصوت وتناضل من اجل المرأة وقضاياها … وحقيقة الامر غير ما نسمعه او نشاهده او نقرأه عبر مختلف الوسائل ، فهذه المسميات انما حقيقتها الايديولوجية تمثل قمة الهرم في النيوليبرالية الرأسمالية والتي تقصد خفيةً ازدهار تجارتها وترويج افكارها بحجة معالجة التصدعات الاجتماعية في الوقت الذي تقوم بنشر مظاهر التفرقة وخلق الصراع الاجتماعي القائم اذ ان مؤسسي هذه التشكيلات هم من الرجال ، وكقول الشاعر المتنبي :
يا اعدل الناس الا في معاملتي فيك الخصام وانت الخصم والحكمُ
في كتابها ( الجنس الآخر ) تقول الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بو فوار :
( في مجلة لبدو لاتيان الفرنسية صرح احد الطلاب بما يلي : ” كل طالبة تحتل مركز طبيب ٍ او محامٍ تسرق منا مكانا ” … )
هنا تتضح معالم التمييز والعنصرية في وضع شخص او مجموعة اشخاص او جنس بشري في وضعٍ دونيّ باعتباره الجنس الادنى وهذا ما يعود بنا لمقولة الكاتب برنارد شو واشارته للتمييز الجنسي او العنصري .
وسؤال يتبادر للذهن وبقوة ، ما جدوى تخصيص يوم عالمي للمرأة ؟؟؟؟
الاحتفاء بيوم المرأة ليس سوى احدى المظاهر الشكلية التي لم تصل لحد الفهم العميق للمرأة كقطب من اقطاب ديمومة الحياة واكتمال الجنس البشري في ذهنية الجنس الذكوري …!!!
كما نجد الكثير ممن يستعبد المرأة العاملة المنتجة واستغلال ما تحصل عليه من اجور عملها مما يخلق حالة من البطالة الاتكالية عند الرجل وتسخير اجورها في الانفاق عليه وعلى البيت والاسرة .. في حين انها تسعى في عملها من اجل الحصول على قيمة مالية مضافة الى ما يتحصله الرجل لتلبية متطلبات الحياة المعاشية الصعبة ..
الاشد قسوة وتعسفا هو ما تلقاه المرأة من استعباد وتبعية حدّ تبعية العبد لسيده فهو المالك لحياتها وبقائها وهو الآمر الناهي الذي يتخطى كل الخطوط الحمراء للمس بكرامة الانسان .. كما انها تقع فريسة النظرة المجتمعية وسيل من الاعراف والتقاليد التي تمتهن حتى جنسها وكرامتها وكأنها سلعة او عبدة تنتقل من يد سيدٍ ليد سيدٍ آخر ، وهذا ما يحدث في الكثير من المجتمعات العربية عن طريق تزويجها وهي لم تبلغ سن الصبا او دفعها كديّة يكون الرجال هم من سببوها وتكون هي الضحية نتيجة حماقاتهم الرعناء ..
ورغم تعالي العديد من الاصوات النسائية للنهوض بواقع المرأة والعديد من رجال الفكر والفلسفة والثقافة الا ان الواقع يحتاج الكثير والكثير وخاصة فيما يتعلق بتغيير الفكر الذكوري المتسلط وذلك بنشر الوعي وغرس قيم الثقافة وحماية حقوق المرأة كما كفلتها تعاليم الاديان السماوية جمعاء …
المرأة لن تكون وقفا للرجل ، ولن تكون ضحية افكار مجتمعية سوداء ، ومفاهيم بدائية مشوهة .. فهي الطرف المكافئ للرجل كثنائية تقتضيها نواميس الخلق والوجود وديمومة الحياة ….!!!!
Discussion about this post