أنفاس متبقية
قصة قصيرة
بقلم – حاتم عبد الحكيم
فى يوم ساطع بحقيقة الشمس على رواق بيت متواضع البنيان مكون من طابقين يسكنه أسرة متوسطة الحال تعدادها: أصابع يد مع واحد من اليد الأخرى ، استقل اثنان من الأولاد بمنزل جديد منمق تاركين الأب والأم والأخ والأخت ، علمًا بأن الأب أخذ نصيب كبير من اسمه ليظهر بالحكمة فى أموره والأم لها الهناء والتهانى وتسميتها تدل على ما تستحق دنيا وآخره، فهذان فى الدنيا هما الرحماء ويُؤْثِرُون على أنفسهم تفضيلاً للأبناء .. وهيا نصل من البيت القديم إلى المنزل الجديد؛ تعد معى بيتًا والثانى والثالث والرابع ثم تصل إليه من بابه الخلفى الملون بالبنى وإذا أردت الرئيسى تستمر بالعد الخامس وتتجه جهة اليمين فالسادس والسابع وتستطيع وقتها رن جرس الباب الملون بمثل سابقه وهو من طابقين أيضًا ولكن الطابق الواحد بمساحة شقتين .
ذهب أحد أفراد الأسرة واسمه يحمل الفصل والضرورة وذهابه كان تحليقًا فى الآفاق وليس بالسير على الأقدام للمنزل الجديد، تراه جالسًا بالاتكاء على أريكة بغرفة مفتوح بابها المطل على الشارع العائلى سكانه الموجود بقرية أول دخولك لها ترى بيسارك المسجد وعند وقوفك على عتبة بابه ترى الكنيسة، و تقع القرية بين بحر وتفريعة من النهر «ترعة« فهى أنشودة مرسومة بالماء والخضرة والوجه الحسن .
وفى استمرار صاحبنا بالبحث فيما أبدع الله بالسماء والأرض سمع كلمات بأغنية: «لو بكرة نهاية العالم هنزل أفول عربيتى واخدها أعدى عليكى ننزل نتفسح« وفى باقى الأغنية يستكمل خططه معها « للسوبر ماركت «ومرورًا بشراء السجائر، وأفضل ما بالأمر أنه يمتنع عن أخذ الباقى إلا أن يأخذ بالباقى لبان. مشكورًا قدم الحلول لعدم الإحراج حينما لا توجد فكة بالبيع والشراء ؛ نستخدم البدائل . ولا يعبأ هو وهى بالنهاية المهم عمل صوت وبلالين ثم تابع أوقاته _ ليس صاحبنا ولكن المغنى _ وغير وسيلة المواصلات «بموتوسيكل سباق« وتحول «السوبر ماركت» إلى سينما، ويظل بالحقيقة الحال كما هو عليه؛ بشراء السجائر، كما أكد على الأخذ بالباقى لبان وتطبيق أهدافه »كلاكيت« ثانى مرة .
انتهت الأغنية، وصاحبنا تراه بسط جسده على الأريكة وأراد مخاطبة العالم ونشر بالشبكة العنكبوتية: (وبنهاية العالم أذكركم أحبائى بأننا لا نتكاسل ولا نقلد الآخرين ولكن معذرة نترك الصوت والبلالين، ونقوم بغرس النبتة : «إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِى يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا« حديث نبوى عظيم. وعندما نغرسها لا ننتظر الباقى فالهدف تحقيق جميل بصمتك الإنسانية طالما لديك أنفاس متبقية).
ثم اعتكف صاحبنا عن العالم من وقتها وأخذ بالبحث عمن هو وتدبر آيات خالقه وفيما يحقق المصير الألطف لروحه الباقية .
فالحقيقة تحتاجنا بقوة طالما نحن بحاجة إليها، بالرغم أنها قد تتأخر عنا أو يُصيبها النقص، لكن وصولها بحد ذاته متعة لواقعنا وإن كانت مؤلمة فهى؛ مُعْلِّمَة – مخبرة –، ومُعَلِّمَة – ملهمة.
Discussion about this post