بقلم ……سعدي جوده
من لطائف التفسير
وقفة مع آية
الحلقة العشرون و الاخيرة لهذا العام
معادة من حلقات الاعوام السابقة
الملائكة تبشر سيدنا إبراهيم عليه السلام
((وَلَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ (69) فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ (70) وَٱمۡرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٞ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَٰهَا بِإِسۡحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ (71) قَالَتۡ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزٞ وَهَٰذَا بَعۡلِي شَيۡخًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عَجِيبٞ (72) قَالُوٓاْ أَتَعۡجَبِينَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٞ مَّجِيدٞ (73) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنۡ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلرَّوۡعُ وَجَآءَتۡهُ ٱلۡبُشۡرَىٰ يُجَٰدِلُنَا فِي قَوۡمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّٰهٞ مُّنِيبٞ (75) يَٰٓإِبۡرَٰهِيمُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَآۖ إِنَّهُۥ قَدۡ جَآءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ وَإِنَّهُمۡ ءَاتِيهِمۡ عَذَابٌ غَيۡرُ مَرۡدُودٖ (76)
تحكي هذه الآيات الكريمة قصة .
أن سيدنا إبراهيم عليه السلام بينما كان جالسا في بيته قدم عليه ثلاثة ضيوف في غاية الوجاهة و الوسامة و الشخصية فسلموا عليه فرد التحية و حالما جلسوا تسلل إلى أهله و أعد عجلا مشويا و قربه إليهم ، فلما رأى أيديهم لا تمتد إلى الطعام خاف منهم ، لأنه من عادة القوم أن من أراد أن يغدر أو يبطش بإنسان لا يأكل من طعامه ، فقال لهم إبراهيم إنا خائفون منكم لأنكم لا تأكلون طعامنا ، فقالوا : لا تخف نحن رسل ربك و ملائكته و قد جئناك ببشرى و هي أن زوجتك سارة ستنجب إسحق نبيا و من ذريته يعقوب نبيا ، فسمعت سارة البشرى فصاحت أنا عجوز و هذا زوجي شيخ كبير و ضربت و جهها على عادة النسوة فقال لها الملائكة (( أتعجبين من أمر الله )) و هو استفهام تعجبي إنكاري و معناه ما يكون لك أن تعجبي مادام الأمر من الله ، و قد أصدر الله جل جلاله هذا الأمر رحمة بكم و بركة من عنده عليكم .
ولما ذهب الخوف عن إبراهيم و تلقى البشارة العظيمة سألهم ، أين تذهبون الآن فقالوا له : مأمورون أن نتوجه من عندك إلى بلدة سدوم ، و لدينا من الله أمر أن نهلك القرية بأن نقتلعها من الأرض و نرفعها عاليا ثم نقذف بها و أثناء ذلك نمطر عليها حجارة من طين معلمة من الله ، كل حجر منها يقتل كافرا من القوم ، و سوف ننجي لوطا عليه السلام و القلة التي آمنت معه و أهله إلا امرأته التي كانت تفشي أسرار ضيوفه .
و لأن إبراهيم عليه السلام كان يتمتع بالشفقة و الرقة و العطف بدأ يتوسط و يجادل في قوم لوط و طلب إمهالهم لعلهم يسلمون ، و هنا نبهته الملائكة أن أمر الله جل جلاله إذا صدر بالعذاب فلا يمكن أن يرد ، لذا عليك يا إبراهيم أن تعرض عن هذا الأمر و تترك الجدل فلا وساطة لمن سبق الأمر بهلاكهم
معروف أن سيدنا إبراهيم عليه ااسلام كان أشبه الأنبياء بنبينا محمد (صلى الله عليه و سلم ) خَلقا و خُلقا
و في الآيات الكثير من الصور البلاغية مثل مواطن الإيجاز : (قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ )
و في سورة الذاريات
(إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ (26)
حذفت في هذه العبارة عدة جمل يفهمها القارئ من السياق و هو إيجاز دقيق لا يخل السياق
و من البلاغة الرائعة استفهام التعجب ( يا ويلتي أألد و أنا عجوز و هذا بعلي شيخا )
والاستفهام البلاغي من الملائكة ( أتعجبين من أمر الله )
و ختمت الآيات بعبارات غاية في الجمال البلاغي
(قَالُوٓاْ أَتَعۡجَبِينَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٞ مَّجِيدٞ)
و إلى اللقاء في العام القادم بإذن الله .
إذا كتب الله لنا الحياة
أعدها و كتبها لكم
بقلم ……سعدي جوده
Discussion about this post