بقلم الشاعرة
سعيدة باش طبجي
《 1》
عِندَما كُنّا صِغارَا
كانتْ الأحلامُ في دربِ الأمَاني تَتَبارَى
كانتْ الأشْجانُ إنْ مرّتْ بأُفْقٍ منْ رُؤانا تَتَوارَى
خَجلًا منْ جَذْوةٍ تخْتالُ فِينا
تَمْشُقُ الحُلْمَ لوَاءً
و تُحيلُ الصَّدأ المَسْنُونَ نُورًا و نُضَارًا
ثم تبْنيهِ صُرُوحًا
في مدًى لا يقْبلُ الضّوْءَ غُبارَا
في ذُرًى لا تقْبلُ النّصرَ بَوارَا
ما تهاوَتْ…ماتهَاوَيْنا
و مَا يوْمًا عَرَفْنا واعتَرَفْنا
أن في العُمْرِ انْكِسَارَا
☆《2》☆
عِندما كُنْتُ صَبيَّةْ
كانتْ الأحلامُ تخْضَلُّ بِقلْبي..
في الشّذَا تهْفُو نديّةْ
كانتْ الأشْعارُ في نبْضِي أهَازيجًا
على ثَغْر النَّدَى…مثْل اللَّمَى
تدعُو لوَصلِ الحَرفِ ولْهانًا..و نَشوانًا
فتنْسابُ الرّؤى منْها شهيّةْ
كانت الأنوارُ في عيْني
تُناغِي بُهْرةً في أفْق أحلامِ القَوافي والهَوَى
ترنُو بَهيّةْ
أركبُ الرّيحَ وأنْسَامَ الشَّذا أحلَى مطيّةْ
وَ يَدُ الأيّام تُهديني
منَ الدّفْء المُحَلّى بالمُنَى
أشْهَى هَدِيّةْ :
صَدرَ أمّي..و أحاديثَ أبي
و وَصايا الحُبِّ والحكمةِ من قلبٍ نَبِي
و مَرايا الطُّهْرِ و الأحلامِ في عيْنِ صَبِي
أينَ منِّي عَهْدُ أيّام مَضَتْ؟
دَفْقُها في مُهْجَتي لم يَنْضُبِ
أه لوْ … لمْ تغْرُبِ !
☆《 3》☆
آه لوْ عُدنا صِغارًا ..آه …لوْ
أوْ بقِينا ما كَبُرنا ..أوْ.. وَ أوْ…
ما تُفيدُ الحَسْرةُ الثَّمْلَى حَنينًا؟
أتُراها أرجَعَتْ يَوْمًا لعُمْري ما مَضَى ..أو مَنْ مَضَوْا؟
ما تُفيدُ الاَهُ غيْرَ الغَبْنِ في رُوحٍ بجُرفٍ مِنْ قَتامٍ قدْ هَوَتْ
هل تُرَى أحيَتْ وُعُودًا قدْ ذَوتْ ؟
و حَنينًا مَا هَفَا في قلْبِ مَنْ للحُبِّ والذِّكرَى
و أحلامِ الصِّبايَا قد سَلَوْا
أتُرَاها ذاتَ يوْم قد أعَادتْ مِنْ لُحُودٍ مَنْ قَضَوْا ؟
أتُراها قرَّبَتْ مَنْ قدْ نَأوْا؟
هل نُسُونا ؟
ام بأَجْرافِ التّناسِي قَد ثَوَوْا ؟
اَهِ..لوْ مِنْ سِفْرهِم مَا شَطَبُونا
اَهِ اَهٍ …آهِ لَوْ…
☆《4》☆
رَفّ جَفْنِي ذَاتَ حُلمٍ
لنَسيمٍ عَابقٍ مِنْ ذِكريَاتي
هَفّ ليْلًا… فوْقَ مَهْدي
في لِحَافي.. في وِسَاداتِ بَيَاتٍي
في خُدُودِي أيْقظَ الشَّوْقَ كَما وَردَةُ عِشْقٍ
دَغْدَغَتْ رمْشي و جَفْني
قبّلتْني في أخادِيدِ خُدُودي..
و تَضَاريسِ جَبيني… وارتِعاشَاتِ لَهَاتي
رَبَّتَتْ فوْقَ غُضُونِ العُمرِ… لم تَقْرَفْ مِنَ الشيْبِ الّذي
قد عَاثَ شوْكًا في تَعاريجِ قَذَالي
وَقَفتْ تَرنُو حِيالي
في اشْتياقِ
فاسْتفاقتْ جَذْوتي..تهفُو حَنينًا
مثْلَ عنْقاءَ..تهادتْ فوْق ذَرّاتِ رَمادٍ..
فوق أشْلاءِ الرُّفاتِ
حَلّقتْ فِي الأفْق جَذْلَى بِجناحٍ منْ بُراقِ
و بِريشاتِ انْبِثَاقِي
كان حُلْمي أنْ أعيد الزّمنَ المسْجُونَ في سِردابِ عُقْمي…
في دَهاليز الفراقِ
يا لَخَيْباتِ حَنيني..يا لأوْهَامِ انْعِتاقِي
يا لحِرمَاني..و طوْقي… يا لَرِيشاتِ احتِراقي
حينَ رَفّتْ..فوْق صَمْتٍ منْ حديدٍ…
فوْق صَخرٍ من صَديدٍ…فوْق نبْض منْ جليدٍ..
لم تَجِِد في مَدّها المَحمُومِ أفْقًا غيرَ أنْْفاقِ النّفاقِ
اِسْتفاق الحُلمْ ..ألْقَانِي عَلَى أسْفَلتِ قَيْدِي..
و أحَابيلِ اشْتيَاقي
تَاه منّي عَهدُ أيّامِ الجَنَى.عَهْدُ التَّرانيمِ العِتاقِ
لم يعُد للحِبْرِ و الأقْلامِ حُلمٌ
غيرَ أنْ أكْتُبَ بالأوجَاعِ أوْهامَ التَّلَاقِي☆
بقلم الشاعرة 《سعيدة باش طبجي☆تونس》
《مارس 2023》
Discussion about this post