الكينغ يكتب
:(عتبات القيروان 7):
خمسون عاما. وبعض العمر مرّت،
مُذْ كنتُ في لون الحرث المبلّل
وحجارة القيروان. ورائحة الرّمّان
وزغب الطّير الوليد..
وكانت أمّي تنشرني عند شفتيها،
وتلقنني سرّ الحكمة والأسرار..
أبدًا، كانت تقول، أبدًا.
لن تكبر يا حبّة الكبد أبدًا.
ثم كانت تسلّمني للكبار من صبية الحيِّ.
هناك، خلف سور القيروان
بين مُضغة المهد
ومُضغة اللّحد
يعلّمونني:
كيف أخفي شهوتي،
وكيف أداري عورتي،
وكيف أخفي، ككل الرّجال
ضعفي ودمعتي…
خمسون عاما وبعض العمر، مرّت من عمري …
وطويت منها الثُلثين
بعيدًا عن أبواب القيروان
وفي وحشة غابة الخبز والمُرّ والحنظل،
كبر هذا الوطن…
كبر…كبر..كبر،
لم يعد ثوب أمّي رايته، كما كان…
ولا بقايا ريح صدرها، مداه،
ضاع ريح صدرها في مداه….
كبر هذا الوطن
وضاع منّي وعنّي…وتاه.
فاسقني أيّها النادل المتجهّم خمرا آخر…
خمرك اللّطيف هذا
ليس حامضا بما يكفي،
فآسقني قنينة مُرّة، علقم.
في لون وطعم دمي
ولا تذكّرني بالحساب،
لعلني، أصل القيروان في قعر الكأس الأخير
وأرى وجه امي من جديد.
ولربّما يمطر القصيد…
ستغلق بعد ربع ساعة،
قلتها البارحة
وأوّل الأمس
وكلّما لاح بقاع الكأس
خيط من الضّوء البعيد..
ستُغلق من جديد؟!…
وماذا أفعل الآن
ولم يكتمل المشهد بعد
ولم أتبيّن عتبة للقصيد؟؟!!.…
يا لقلبك الحديد
أيّها النّادل المُتجهّم البليد…
حتّى في حلمي عنيدْ ؟!
يا لقلبك الحديد…
يا لقلبك الحديد.
(كمال العيّادي الكينغ)
Discussion about this post