رؤية نقدية ، سوسيولوجية
فى كتابات الأديب التونسي: محمد فتوح
بقلم: عونى سيف …. القاهرة.
فى ظل مجتمعاتنا العربية التي يسيطر عليها التكتم أو المنع أو الروتينية المفرطة،و ظهور كتّاب و مثقفين كثر لا يحبذون الخوض في سلبيات المجتمع ، تجد أعمال الأستاذ فتوح القصصية تشير إلى ألآم المجتمع و سلوكياته المرفوضة ، و مشاكل الطبقات الفقيرة ، وأحياناً يرصد ملامح الثقافة الشعبية السائدة.
و سوف أتجول – كناقد يلاحظ الحالة التونسية من بعيد – فى بعض أعمال الأستاذ فتوح القصصية.
بأسلوب يشبه أسلوب إرنست هيمنجواى المقتضب يكتب القاص محمد فتوح ق.ق.ج.”مسيرة” و فى اقل من ثلاثين كلمة يرسم بورتريه عن حالة النفاق فى العمل الحزبى أو المجتمعى.
” بمجرد دبج خطاب الرجل المتكلم – البطل – ببعض الآيات البينات و الأحاديث المأثورة ، صفق له الجميع ، هنأه أتباعه ، و انطلت الحيلة.” و هنا فتوح بثقافته الواسعة يرصد ما نمر به ، فهو لا يتكلم عن المجتمع التونسي فقط . فكل المجتمعات العربية لديهم هذا المتكلم الذى ينتقى من الدين بعض ما يحتاجه للسيطرة على القلوب والعقول لكى يفوز بمنصب حزبى أو اجتماعي.
و بهذه الكلمات الدلالية القليلة نرصد أنا و الاستاذ فتوح مهزلة العمل الحزبى فى المجتمعات العربية.
– قصة الجامع،
فى قصة الجامع نرصد نوعا اخر من النفاق ، و هو نوع اجتماعى ، اخلاقى.فالبطل يجمع نقودا لبناء جامع ثم يهرب بالنقود و برفقته زوجة شخص آخر بالقصة. هنا يشير القاص إلى نقيصة عامة فى النفس البشرية ، فالكثيرون يضعفون و يتغيرون أمام المال
، و هنا انتابنى احساس أنه يكتب عن حوادث معاشة فى مجتمعى المصري ،و ذلك يثبت وجهة نظرى أن مشاكلنا متشابهة ، و يجب على أصحاب الفكر رصد هذه المشاكل و نشر توعية مجتمعية من خلال أعمالهم الفكرية للتقليل منها.
وفى قصة ” احتراق” يذهب فتوح إلى منطقة أخرى فى الحياة الاجتماعية. بطلة القصة تود الهرب من العنوسة فترضى بزواج روتينى ، و زوج روتينى ، لا تحبه ولا تكرهه ، و ظروف الحياة اليومية التى تجعلها نصف حية و نصف ميتة . و هنا فتوح يتحدث عن دوامة الحياة القاسية التي تجعلنا نرضى بأقل مما نستحق ، و جعلنا ” فتوح ” نرنو إلى الأفضل من بعيد، مثلما ترنو البطلة إلى صديقها فى العمل. و أيضا يثير القاص نقطة هامة جدا فى سلبية الرجل الشرقى اتجاه المساعدة فى أعمال المنزل ، فجعل الزوج يشاهد التلفاز فقط ، و كأن المرأة عليها كل الأعمال بالإضافة إلى دوامها الصباحى.
و أخيراً ، اللغة عند فتوح سهلة و بسيطة ، فهو لا يستخدم مفردات تجعلك تبحث عنها فى المعاجم.فتوح يستخدم لغة القارئ و هذا جيد جداً ليعبر عن قطاع كبير من الناس خلال كتاباته. و سوف أتطرق إلى نظمه الشعرى فى مرة قادمة بإذن الله.
Discussion about this post