بقلم الشاعر … حسن عامر
وأمي تحرِّكُ مِغزلَها في الهواءْ
وتغسلُ أحزانَها بالغناءْ
رأيتُ ظلالًا على حائطِ البيتِ تغفو
وكانت على الأرضِ جرَّةُ ماءْ
وكانَ الدجاجُ يحنُّ إليها
وسقفٌ من البوصِ يحنو عليها
وتحرسها غيمةٌ في السماءْ
كأنَّ الأساطيرَ بينَ يديها
تقلِّبها في الطبيعةِ كيفَ تشاءْ
وأمي على رأسِهَا الحُرِّ تاجُ النخيلْ
وأمي شعوبٌ من الفقراءْ
غبارُ الزمانِ الذي في الطلولْ
وساقيةٌ أسرفَتْ في البكاءْ
رأيتُ بقايا ضفائرِهَا
عُشبةً في شقوقِ الجدارْ
شواهدَ حزنٍ
على زمنٍ مَرَّ دونَ اعتذارْ
تواريخَ سِريَّةً للأسى والذبولْ
وعمرًا من الكبرياءْ
وشاهدتُ ضحكتها في مياهِ البحيرةِ
تنحلُّ تحتَ خيوطِ النهارْ
مراكبَ من خشبٍ وانتظارْ
روائحَ هائمةً في الفصولْ
وعصفورةً في خيالِ الفضاءْ
وكنتُ صغيرًا
أفسِّرُ دمعتَهَا للحقولْ
وأتبعُ جرَّتَهَا بينَ سِربِ النساءْ
ستجهلُ أنَّ خطاها
نَمَتْ مثلَ صبارةٍ في ضلوعي
وأنَّ يَدَيْهَا سحابٌ يظلِّلُنِي في رجوعي
ويغسلُنِي بالدعاءْ
ولكنها تعرفُ الموتَ،
تعرفُ خطوتها للمقابرِ دونَ دليلٍ
وتنزفُ دمعتها في الخفاءْ
سلامٌ على حزنها النبويِّ
على وشمها في الجبينِ
هلالاً أضاءْ
سلامٌ على شالِهَا في ليالي الشتاءْ
بقلم الشاعر ….حسن عامر
Discussion about this post