بقلم الشاعر … ميشال سعادة
1
كأنِّيَ ” هُنَا ” قَابِعٌ ” هُنَاكَ ”
في ظَرفِ المَكانْ
مِنْ ألفِ عَامٍ وعَامْ
عَينَايَ هُنَاكَ هُنَاكَ
أَرَى إِلى النَّاسِ أَموَجًا
يُحَرِّكُها طَيفُ امرَأةٍ
إرْتَدَتْ زَبَدَ الزِّحَامْ
عِقدُها على الصَّدرِ
عُيُونُهم فِيهِ مَشكُوكِةٌ كالخَرَزِ
تَدرِي ما بِهِم كأنَّهَا لا تَدرِي
تَقطَعُ المَسَافَةَ غَيرَ آبِهَةٍ بِأَحوَال الزَّمَانْ
وَلَا بِأَشبَاهِ رِجَالٍ يَصّطَفُّونَ
كَأَنَّهم أَشجَارٌ مَرصُوفَةٌ
فِي مُحَاذَاةِ الطَّرِيقْ
تَقِي هَذِهِ الأشجَارُ مَنْ مَرَّ
حَرَّ شَمسٍ وَضِيقْ
رِجَالٌ كُثِيرُونَ مَشدُوهُونَ
يُراقبونَ كأَنَّهَم لا يَعبُرُونَ
أَو يَعبُرُونَ كأَنِّهُم وَاقِفَونْ
حَالُهُم حَالُ مَنْ رَمَى فِي البَحرِ شِبَاكًا
وَعادَ بِخِفَّيْ حُنَينْ
٢
إِمرَأَةٌ
مَلَأَتْ دَفَاتِرِي جَلَسَتْ
إِلى كُلِّ سَطرٍ
كلَّلَتْ بَيَاضَ الوَرَقِ
بالحُرُوفِ ألبسَتْ مَعَانيَّ
أثوَابَ المَجَازِ
رَسَمَتْ خُطَاهَا على عَتَبَاتِ الكَلِمَاتِ
لم يَبقَ فَرَاغٌ إلَّا مَلأَتْهُ
أَحصَيتُ حَتَّى أَنفَاسَهَا
وما عَصَاني فَتَّشتُ عَنْهُ
فِي ثِيَابِ الفَضَاءْ
لكِنْ –
كَثِيرًا ما خَذَلَنِي الهَوَاءُ
قَائِلًا _
لا تَطلُبْ إِشَارَاتِ صَدِيقٍ يَمْتَهِنُ الوَفَاءْ
٣
إِمرَأَةٌ
تَخطُرُ في وَمِيضِ الذِّكرَيَاتْ
تَقُولُ هَمسًا _
هَلْ مِن أَحَدٍ سِوَاكَ فِي البَالِ يمُوجْ
وَأَنا فِي شُرُودي أُرَاقِبُ وَحدَتِي
فِي الصُّبحِ
عِندَ الظَّهيرَةِ
فِي المَسَاءْ
فِي وُجُوهِ العَابِرِينَ أُرَاقِبُ
فِي قَصَائِدَ كَتَبتُهَـا
فِي صَوتِ فَيرُوزَ أَيقُونَـةِ الأَعنَاقْ
أََعرِفُ أنَّهَـا عَلَى سَفَرٍ
وَأُفَتِّشُ فِي حَقَائِبِ الغِيَابْ
٤
آهِ ثُمَّ آهِ !
أَجمَلُ ما فِي الحُبِّ أَحوَالُ الضِّيَاءْ
رُكُونٌ للمَتَاهَةِ
وَإغفالُ سَهمِ الإشارهْ
وَأَجمَلُ الأَجمَلِ
أَنْ تَكوُنَ عَلَى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ
وَلا يَنتَهِي إِلَيهَـا الطَّرِيقْ
أَنْ تَعرِفَ جَوهرَ الحَقِيقَـهْ
وَتَأخُذَ بِرِوَايَـةِ دَجَّالْ
وَتَمُوجَ فِي غَمرِ الإنتظارْ
أَنْ تَشعُرَ بِبَردٍ قَارِسٍ
لَيلَـةَ صَيفٍ حَارّْ
أَنْ تَطرُقَ بَابَ مَنْ تَهوَى
فَيُجِيبَكَ فِي الحَيرَةِ صَمتُ الجِدَارْ
وَطَيفٌ يَهمِسُ–
سَلِ الأَشعَارْ
أَنْ تَظَلَّ وَاقِفًا عَلَى رُؤُوسِ الأَصَابِعِ
خَائِفًا مِنْ زَيتُونَةٍ صَغِيرَةٍ
عِندَ الزَّاوِيَـةِ تَرنُو إِليكَ
تَقُولُ _
كَمْ أَنتَ بَلِيدٌ عَنِيدْ
أَيُّهَـا الصَبُّ
مَاذَا تُرِيدْ ؟
خَائِفًا مِن وَردَةٍ فِي الرُّكنِ
حَجَبَتْ عَنكَ عِطرَهَا
تَقُولُ _
لِمَ أَنتَ أَكثَرُ مِنِّي احمِرَارًا ؟
لِمَ تُشِيعُ أَنظَارَكَ إِلى الوَرَاءْ ؟
البَابُ أَمَامَكَ
وَلا زَالَ الدِّفْءُ فِي البَيتِ
فَلِمَ أَفكَارُكَ هَبَابٌ فِي هَبَابْ ؟
وَمَنْ في الدّارِ لا يَهابُكَ
فَلِمَ أَنتَ تَهَابْ ؟
٥
يا امرَأَة
أَجمَلُ مَا فِي الحُبِّ
أَنْ نَعرِفَ أَنَّنَا لا نَعرِفُ
أَنِّ دَربَ الحُبِّ
طَوِيلٌ
طَوِيلْ
أَنَّ الوُصُولَ إِنْ وَصَلنَا مُحالْ
وَأنَّا دَائِمًا –
نَعُودُ غُرَباءَ حَتَّى فِي السَّرِيرْ
أَن نَقُولَ كَلَامًا كَثِيرًا
أَن نَغرَقَ فِي الثَّرثَرَةِ
وَنَعرِفَ أَنَّ الحُبَّ كالوَردَةِ
تَعشَقُ الصَّمتَ
وَتَنشُرُ العَبِيرْ
٦
يا امرَأَة
الآنَ الآنَ
وَقَد مَضَى الوَقتُ وَيَمضِي
مَا زِلتِ في ” هُنَاكَ ”
مَا زِلتُ فِي الـ “هُنَا ”
أَرقُبُ الوَقتَ
أُصغِي إِلى صَمتِ بَيتِكِ
لكِنِّي –
لا زِلتُ أَسقِي شَجَرَةَ الغِيَابْ ..
بقلم الشاعر … ميشال سعادة
Discussion about this post