حمم الصّمت..
(رسالة استعجالبة..
إلى أبي الطيب المتنبي)
بقلم الشاعر … صلاح داود
قد غرّدَت فــي صمتـنـا حُـمَـمُ
تـشـدو بِـمـا قــدْ هـــدّهُ الـغَـشَـم
تسْتنْـفـر الأضْـــدادَ فـــي بـدنــي
كـيْـمــا بــــلادُ الــعُــرْبِ تـنْـتَـقِـم
كـمْ صرّخـتْ فــي أرضـنـا لُـجَـجٌ
واسْتـنْـفـرتْ غِـزْلانَـهـا الـرّخَــمُ
و تَــهــدّرتْ أجـسـامُـنـا إحــنًـــا
مـــا طـالـهـا مـــوتٌ و لا عـــدمُ
و تَـوثّــبــتْ أعـنـاقُــنــا أنَـــفًـــا
عَـنَّــتْ لَـــهُ الـمِـبْــرَاةُ و الـقـلــمُ
عـلِـقـتْ بــــأرواح لــنــا هِــمــمٌ
لـوْ قطّعـوا الأرحـامَ مــا جَـزَمُـوا
تحكـي عـن الأمجـادِ مِـن سـلَـف
شـدّوا وثـاقَ المـوتِ مـا رحِمـوا
واستشْرفُـوا التاريـخَ مـا وجِلُـوا
قَضَمُـوا لسـانَ الجمْـرِ والتهمـوا
عضُّوا على الأشـواك مـا وجِعُـوا
ولَـوَوْا رُؤوسَ اليـأْسِ مابـرِمُـوا
*
هـمْ وزّعـوا الآمالَ مـنْ صَـدقـوا
هـمْ وزّعـوا الأهـوالَ مَـنْ ظلموا
هـمْ حرَّكوا الدنـيَـا فمـا سَكَـنَتْ
حتّـى الدّوَاهِـي قـدْ عَـنَـتْ لـهُـمُ
زفـرت على الطغـيـان أنفسـهـمْ
فـزعـتْ لـهـا النـيـرانُ والـصّـنـمُ
قـــادوا جـيــاد الله عــــن ثــقــةٍ
فتـفـجّـرتْ مـــن كَـرّهــم حُــمَــمُ
و تَنطّـقَـتْ لـغــةُ الـجـهـادِ بـهــمْ
حتّى القـضَـا قــد كــاد يـنـهـدم
*
إنّــا حميْنا الشُّـهْـب مــن غَـبَــشٍ
والـنــجْــمَ عـلّـمْـنــاهُ يـبـتــســمُ
والـغــيْــمَ زوّجْــنـــاهُ وادِيَـــنـــا
فَـحَـبَـا عـلــى أزْهـــارِهِ الــوَحَــمُ
*
إنــا نُـرَبّـي الشـمـسَ إن بـزغـتْ
إلاّ ومـــــنْ إشْـعـاعـنــا خَـــتَـــمُ
ونـعـلّــمُ الأمــــوَاجَ إنْ هَــــدَرَتْ
إلاّ و لـفــظ الــضــادِ مُـضـطــرِمُ
و نُــروّضُ الأفــلاكَ إن سبـحـتْ
إلا مَــــدارًا نـــحـــنُ نــرتــســم.
نــادتْ صُـقــورُ الأرض حـائــرةً
لَـبَّـتْ لـهــا مـــن غَـمْـرنـا ذِمـــمُ
شُـمُّ الـرؤوس غـدتْ لـنـا جِــزَرًا
هـــذا هـوَانــا الــشَّــاءُ والـغـنــمُ
والــجـــنَّ أَسْــكــنّــاهُ قـمْـقُــمَــهُ
كـيمـا يـشــادُ الـعـقـلُ لا وهَــــمُ
*
حتّـى الـبـحـارُ بِهَـامِـنَـا فُـلِـقَـتْ
فاصـطـفّـتِ الحيتـانُ تــزْدحـمُ
كيما ترى الأعْجُوبَ مـن عَـرَبٍ:
نَحَـرُوا السمـاءَ ..ومـا أُريــقَ دَمُ
*
حتّى الجبالُ الجُدبُ قد عـطِرت
و هـمَـتْ عـلـى أرجائـهـا النِّـعَـمُ
والرّيحُ من فرْط الهـوى رقصـتْ
فرحـى بعُـرس العُـرب إذ غنمـوا
عصروا المباهـج في دُنى ظُلَـمٍ
فـتـنَـطَّــقَ الأمــواتُ والـبُــكُــمُ
وتـضَــوَّعَ الــنّــوّارُ يَنْـضَـحُـهـمْ
فـتـرَشَّـفــتْ أنـفــاسَــهُ الأمـــمُ
و تـوهّـجــتْ أنــوارُهــمْ بِــدَعًــا
أهـوَى لـهـا العـمـلاقُ والـقَـزَمُ!!
*
مــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا ؟؟…
مـاذا أداوي اليـوم مـن وجـعـي؟
مــاذا أنـــوحُ الـيــومَ يـــا ألـــمُ؟
مــاذا ألُــمّ الـيــوم مـــن مـزقــي
مــاذا أخـــط الـيــومَ يـــا كـلَــم؟
إمّــــا حــيــاةٌ نــحــن نـقْـهَـرُهَـا
مــا عــاش شـعْـبٌ قـلْـبُـه هـــرِمُ
إمّــا حــيــاةٌ نــحــن نُـرغِـمُـهـا
كـيـمـا يُـشدُّ اللّـحمُ والـعَـظَــمُ
أوْ رخْــوَةُ الظـلـمـاءِ فـــي بَـلَــلٍ
فـيـهـا قـفـانَــا الــجِــرذُ يـلـتـهـمُ
*
يــا أيّـهـا الكـنـديّ اُمْــحُ صـــدًى
دوّتْ لـــهُ أُذْنٌ بــهـــا صــمـــمُ
كيـف احتمـال الصوتِ مـن أذُنٍ
تَعـوِي بـهـا الأشْـعـارُ والحِـكَـمُ؟
يا طالـبَ الشـرف الرفيـع ..صـهٍ
الـعِـرْضُ فــي أصْقاعِـنـا.. ثَـلِــمُ
هـــذي قوافـيـنـا بـنــا ســخِــرتْ
وصَـديـعُ صــوت الـمُـرِّ محـتـدِمُ
*
إنّـــــا أيـــــا مـتـنـبّـئًـا ..فِـــــرَقٌ
بِـتْـنـا شـظـايـا.. لـيــس تلْـتـحـمُ
إنــــا أيــــا مـتـنـبـئـا ..صَـــــدَأٌ
إنّـــا هُـنَــا ..نــــارٌ و لا ضــــرَمُ
طار ابْـنُ هُـودا في الأذى صُعُـدًا
والقُدْسَ أهلُ الغدرِ قـد غشمُـوا
إنّـــا بُـهــوتٌ لـيــس نسـمـعُـكـمْ
إنّــــا رُقـــــادٌ مـثـلـمــا الــرِّمَـــمُ
جــالــتْ عــلــى أعـمـارِنــا دُوَلٌ
مـالـتْ إلــى الأدْنــى لـهـا القِـمَـمُ
و زَنَــتْ عـلـى أنفـاسـنـا عَـهِــرٌ
شـوْهَــاءُ أو ذفـــراءُ ..لا نَــسَــمُ
وغَـفـتْ عـلـى أبـصـارنـا سِـنَــةٌ
عجّـتْ بـهـا الأضـغـاثُ والـوهَـمُ
ضربـوا الحصـارَ علـى قرائحـنـا
و عَدَوْا على القرآن..ما..رُجمُـوا
قَـطَــعَ الـلـئـامُ جـلـودَنـا وبــهــا
ضُـفِـرتْ لـنـا الأسـواطُ ..واللُّـجُم
وعـلــى مقـابِـرِنـا بـكَــوْا زَلَــفًــا
ظـنُّــوا بـــأنّ الـكِــذْبَ يـنْـهـضِـمُ
*
يــا مـادحًـا سيْـفًـا عـلـى حـلــبٍ
الـيَـوْمَ ..نُــحْ حَـطَـبًـا بـــه ..وَرَم
مــا سَّـرنـا مــا قـــال حـاسـدُكُـمْ
والجَرْحُ رُغـم الرّفـضِ ..لا.. ألَـمُ
إن عشْتَ تشكو الجهل من عَرَبٍ
ضحـكـتْ عـلـى أشلائـهـا الأمــمُ
أيّــام كنـتـم فـي الـورى صُـعُـدا
و لكُـمْ عـلـى هــامِ الــورى قــدَمُ
أيّــام غــار الـجـبْـرُ مـــن فـلـكٍ
و تـعـانَـق التّـفـسـيـرُ والـحِـكــمُ
سُـقـراطُ فـي بـغـدادَ منـتـصـبٌ
و الـقـيــروانُ مـحــجَّــةٌ حـــــرَمُ
والنّـاصـرُ الأمَــوِيُّ مـــن جَـلَــلٍ
أحْنَـى لـه الإسـبَـانُ مــا سَلِـمُـوا
و بـدائــعُ الإعْـجــازِ قـرطـبـةٌ …
آيٌ مِــن الـعـمْــران مُـنْـسـجِــمُ
ونـيـوب لـيـث الـشـعـر بـــارزة
تـعْـنـي بــــأن الـلـيــثَ يـبْـتَـسِـمُ
فـالـيـومَ كيـف الْــهَمّ تُـعْـرِبُــه
و جيَادُ ساحِ العِلْمِ هُمْ..عجَـمُ؟
**
بقلم الشاعر …..
صلاح داود….تونس
Discussion about this post