أرقام صادمة عن زواج الأطفال في الولايات المتحدة
أسامة خليل
أرقام وإحصاءات صادمة عن زواج الأطفال في الولايات المتحدة -التي ينظر إليها على أنها قلعة الحقوق والحريات في العالم- طفت إلى السطح بعدما رفضت ولاية فرجينيا الغربية رفع سن الزواج إلى 18 عاما والإبقاء عليه كما هو، الأمر الذي أثار عاصفة من الانتقادات.
وكان مجلس شيوخ الولاية -الذي يسيطر عليه أغلبية من الحزب الجمهوري- قد صوت الخميس الماضي ضد التعديلات التي طرحها عدد من أعضائه برفع الحد الأدنى لزواج الفتيات إلى 18 عاما فيما يعرف باسم مشروع قانون “منح المساعدة السكنية لضحايا العنف المنزلي” (HOUSE BILL 3018)، وقرر الإبقاء عليه كما هو عند سن 16 عاما.
وتشير إحصاءات منظمات أميركية إلى أن العديد من الولايات تسمح بشكل قانوني بزواج الأطفال في سن 13 عاما، ناهيك عن وجود استثناءات في 25 ولاية تسمح بزواج الأطفال دون تحديد عمر معين في حالة موافقة الوالدين أو موافقة القضاء، حيث لا يفرض القانون حدا أدنى لسن الزواج.
وتحدث معظم هذه الزيجات بين فتاة قاصر ورجل بالغ، بحسب إحصاء أجرته منظمة “فرونت لاين” (Frontline)، وتعد فرجينيا الغربية وداكوتا الشمالية وهاواي الولايات التي يكثر فيها زواج الأطفال، حيث أظهرت بيانات أن أكثر من 10 من بين ألف طفل قد تزوجوا.
وحتى عام 2017 كانت جميع الولايات الخمسين تسمح للقصّر بالزواج، ولكن منذ عام 2018 حظرت 6 ولايات أميركية (ديلاوير ونيوجيرسي وبنسلفانيا ومينيسوتا ورود آيلاند ونيويورك) الزواج قبل سن 18عاما.
أرقام مخيفة
بدورها، تقول حركة “متحررة أخيرا” (Unchained at Last) -التي تطالب بوقف زواج الأطفال في أميركا- إن هناك ما يقارب 300 ألف حالة زواج لفتيات تحت سن 17 عاما وقعت بين عامي 2000 و2018، في حين تم توثيق زيجات كانت أعمار الفتيات فيها لا تتجاوز 12 عاما في كل من ولايات ألاسكا ولويزيانا وكارولينا الشمالية بين عامي 2000 و2010.
وبحسب أرقام منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن أكثر من 16.4 ألف طفل تزوجوا في ولاية فلوريدا وحدها في الفترة من عام 2000 وحتى 2018، ونحو 4 آلاف طفل تحت سن 18 تزوجوا في نيويورك بين عامي 2000 و2010، وذلك قبل أن ترفع الولاية السن الأدنى للزواج من 14 إلى 17 عاما في عام 2017.
وفي عام 2016 أصدر مركز “بيو” للأبحاث السياسية والاجتماعية بالعاصمة واشنطن إحصائية تفيد بتسجيل الولاية 753 زواجا لفتيات تحت سن 18 عاما.
وفي ولاية ألاسكا يمكن لعناصر الجيش -الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما- أن يتزوجوا دون موافقة الوالدين، فيما يمكن تزويج الأطفال حتى سن 16 عاما بموافقة الوالدين.
أما في ولاية كارولينا الشمالية فيمكن تزويج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما -والذين حملوا أو أنجبوا أطفالا- بموافقة من المحكمة.
وتعد ميسوري الولاية الأكثر تساهلا في زواج الأطفال، فلديها قانون يسمح للأطفال في سن 15 عاما بالزواج، وكل المطلوب هو توقيع أحد الوالدين، مما جعلها -حسب وسائل إعلام أميركية- مقصدا لمن يريد الزواج من الأطفال.
ظاهرة غير طبقية
وفي تقرير لها تقول مجلة “إيكونوميست” (The Economist) البريطانية إن هذه الظاهرة منتشرة بين الجماعات الدينية المحافظة والفقراء وسكان الأحياء الشعبية، وموجودة أيضا في مختلف الطبقات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى وعند العلمانيين والملتزمين دينيا على حد سواء.
ويرى المؤيدون لزواج الأطفال -وهم في الأغلب من المحافظين الاجتماعيين- أنه قد يخفض نسب الولادات خارج إطار الزواج، ويقلل عدد الأمهات العازبات اللاتي يعشن على الرعاية الاجتماعية، فيما يجادل الليبراليون بأن الزواج يجب أن يكون خيارا شخصيا لا شأن للدولة فيه، حسب المجلة.
وفي عام 2016 قام نجم اليوتيوب الشهير كوبي بيرسن في تجربة اجتماعية فريدة بنيويورك بإحضار رجل ستيني وطفلة بعمر 12 عاما إلى ساحة تايمز سكوير لإجراء جلسة تصوير لهما وهما عروسان وسط الشارع، لاختبار ردود أفعال المارة، والتي جاءت في مجملها مستنكرة ومنتقدة زواج الأطفال.
وتقول الأمم المتحدة -التي تعرف مصطلح الطفل بأنه يطلق على كل من لم يبلغ الـ18 من العمر- إن زواج الأطفال ظاهرة عالمية تؤثر على الفتيات عبر مختلف المجتمعات والأديان، ويزيد حمل المراهقات خطر مضاعفات الحمل، فيما تتحطم أحلام العديد من الفتيات بسبب الزواج المبكر.
كما يعتبر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن زواج الأطفال هو المنتج السام للفقر وعدم المساواة بين الجنسين، إذ تعتقد العديد من العائلات أن الزواج سيضمن مستقبل بناتهن، لكن في الواقع فإنه في كثير من الأحيان يعرقل فرصهن ويترك الفتيات ضعيفات للغاية، وغالبا ما يتزوجن من أزواج أكبر سنا، وبالتالي يصبحن أقل قدرة على الدفاع عن احتياجاتهن وحقوقهن، وقد يتعرضن للعنف.
وتتوقع الأمم المتحدة أن أكثر من 150 مليون طفلة يمكن أن يصبحن عرائس بحلول عام 2030 إذا لم يتصرف العالم بشكل حاسم لإنهاء زواج الأطفال.
Discussion about this post