من سلسلتي الأدبية ” تعلمت منهم ”
أقدم لكم اليوم سيرة العظيم من بين الشعراء الذى استحق بما سطر من كنوز على الطروس أن يحصل وبجدارة وتفرد على لقب ” أمير الشعراء ”
أحمد شوقي (1932 -1868 )
أمير الشعراء
يا نسائم الصَبا هبّي علّك ِ
تحملين الرثاء َ فى بعض ِ الكلمات
ولكن كيف نقدم رثاءا ً لأمير
الشعراء ِ المتبوء أعلى الدرجات
فعفوا ً يا شوقي فى تقصيرنا
فلهيب النار ِ لا تطفئها بعض القطرات
يا من كنت ترعى النجوم َ ساهرا ً
تتفيأ بظلال ِ البلاغة ِ الوارفات
وتنظم الشعر َ دراً فى جيد الحسناوات
بالبديع ِ فى عقود ٍ بالمعاني الرائقات
هل كدت أن تكون رسولا كوصفك
للمعلم فنقف لنقدم لك التحيات ؟!
ولكن لن يوفيك التبجيل ُحقك فمهما
كتبنا كلماتنا فى مدحك قاصرات
فكيف لنا الإبحار فى شاسع علمك
فأنت البحار و الربان فى أحلك الظلمات
أيها الشاعر المطبوع قد حويت جميع
العصور فى عقلك على مر السنوات
لا يوجد بحر لم تبحر فيه إلا وتركت
عظيم َ الأثر ِ ببصماتك الشائقات
تركت لنا الإرث َ الجليل َ على الطروس
مسجلة فى ديوان ” الشوقيات ”
كالجوهري قد جُلت في” أسواق الذهب ”
فضوَت بضاعتك بكل أنواع المجوهرات
يا من عارضت ” البَدرة ” ب ” البُردة ”
وتركت النفائس ببديع الشعر والمسرحيات
تمشيت فى سهول الفصحى
فكانت قطوفها لك من الدانيات
لم تترك بابا ً إلا وطرقته في الرياض
الزاهرة ِ كان أو حتى في الفلوات
تنادى المعاني فتأتي لك بخضوع
الجؤذر للضيغم ِ طائعات
أيها الصب ُ العاشق ُ للعربية يا من
بت تغازلها فى الليالي الداجنات
فهل جفاك مرقدك و ناجيت النجم َ
وأتعبته من فوق الجبال ِ الراسيات
وأقمت الليل َ وأقعدته بحثا ً
عن غزالك الشارد فى المخيلات
فما كانت إلا عرائس الشعر
التي تطاردها كغزلان ٍ شاردات
وبت تتصيدها ليس فى الواقع
إنما حتى ولو كانت أعينك ناعسات
من ينهل من علمك يرتوي إن همَت
من عيون ِ شعرك بعض العبرات
أيها الأمير ُ سيظل قصرك عامرا ً
فأنت لم تشيده بأحجار ٍ زائلات
وكم من ملوك ٍ شيدوا قلاعا ً
مزينة باتت خرابا ً في الغدوات
وتهاووا من على عروشهم صغارا ً
لأنها شيدت على أمجاد ٍ زائلات
أما لقبك فلن ينزعه أحد ٌ منك لأن
التاريخ قد حفره فى السجلات
وسيظل تاجك يضوي بعلمك
متلألئا بجواهره ِ النيّرات
فلتهب على قبرك نسائم ُ معطرة ٌ تفوح
على أعطاف إرثك من ألطف ِ الكلمات
Discussion about this post