بقلم … أحمد كمال هلالي
دعيني أخرج عن المألوف قليلًا، وأخبركِ بسرٍّ أخفيته عنك منذ بدأتُ هذه الرسائل الحبيبة.. لا أظنني أخبرتكِ يومًا، أو لمحتُ إليكِ بتلك النية، تاركًا الزمن يؤدي مهمته المعهودة في كشف الأسرار وفضح المكتوم من المشاعر..
لا أعتقد أنكِ قرأتِ عن هوشع.. ولا أعتقد أنك ستسألين أأقصد هوشع النبي أم لا.. وسأجيب باعتبار ما لم يكن لو كان كيف يكون، بأن لا، أقصد هوشع الذي حكت قصته فرنسين ريفرز.. هوشع الذي حرره الحب، وحرر امرأته بالحب، فكانت ملحمة حب مُحَرِّر..
أتدرين ما قال لحبيبته التي حاولت صم أذنيها عن صوت قلبه؟
قال لها نصًا، وأعيده عليكِ كاشفًا سري الصغير:
“تروقني تمامًا فكرة أن نشيخ معًا، وأن أفتح عينيّ كل صباح، فأرى وجهكِ، ما دمتُ علي قيد الحياة”
هذا هو سري الذي لم أبح به يومًا.. نعم أحبكِ، لكنني في الحقيقة لم أحبكِ بعد.. لم أصل لتلك الدرجة التي ألامس فيها ذروة العشق التي لم يلمسها قبلي لا عنترة ولا قيس ولا ابن معمر.. ربما قاربها جرير يومًا، لكنني لا أظنه مسها بأنامله..
لم يمسكها إلا حبيبان رأيتهما اليوم، زوجان مسنان يخرجان من السوق، يعبران الشارع، وقد حمل الرجل طعامهما في يمناه، وأمسك باليسرى كف زوجته، مسلمًا نفسه للطريق المجنون، وامرأته كأني بها نائمة على كتفه، تعبر معه دون أن تعير الطريق نظرًا، قد استراح قبلها في كفه، ورأسها على عاتقه، تقول له دون كلام:
“قد أمنتك زهرة عمري، فحفظتَها، أفلا أركن إليك في هِرمي.. أتضيعني؟ لا أحسبكَ تفعلها.. وإن فعلتها فأنت لا تقصد.. وإن كنت تقصد، فلأمت على كتفت، ويدي المتجعدة تنبض في يدك المتشققة..
أتعلم؟
هذا سري الصغير..
سري الذي خبأته عنك طوال عمري..
تروقني تمامًا فكرة أن نشيخ معًا، وأن أفتح عينيّ كل صباح، فأرى وجهكِ، ما دمتُ علي قيد الحياة”
ملهمتي..
سواء قرأتِ تلك الرسالة، أو لم تقرأيها..
سواء امتثلتِ لصوت قلبي، أو تمنعتِ..
سواء أحببتِ، أو كرهتِ..
أنتِ خُلقتِ لي.. وأنا خُلقتُ لكِ..
الأمر محسوم مُسبقًا..
رُفعت الأقلام، وجفت الصحف..
رسائل إلى روزالين – سري الصغير
بقلم أحمد كمال هلالي
٤ فبراير ٢٠٢٢
Discussion about this post