شعر … فاطمة ناعوت / مصر
أيتها الراميةُ سهامَكِ
أنصتي إليَّ
أنا الفلاحُ الحكيمُ
عمَّرتُ الكونَ بالأخضر
قبل ميلادِ الحقول
أحملُ في سلّتي
قواريرَ اللون
وريشةً
لكي أخيطَ للزهور
فساتينَها
والأشجارُ
أمنحُها تيجانَها
والبراعمُ
أصوغُ لؤلؤَها
حتى تصيرَ الصحراءُ
بساتينَ
تَسُرَّ الناظرين.
***
أنا الحكيمُ يا طفلةَ الحقول
أتكلّمُ إليك اليومَ
بما لا تعرفين
حتى تتعلّمي سرَّ الفِلاحةِ
والإنباتِ
والخَصب.
***
في المرّةِ القادمة
حين تجولين في أعطافِ الغابة
لكي تغرسي بذورَك
في أرضِها
وتُهرقي رِيَّكِ الرقراقَ
داخلَ أعناق النبات
حتى يُشرقَ الزهرُ
…
تأكدي في البَدء
من أنكِ
تدخلين جيوبَ الأخضر
وتخرجين من ذيولِ اللون
تاركةً كلَّ عجفاءَ
وكلَّ خبيثٍ
من أنصافِ الشجر.
***
اِعلمي
أن كلَّ نصفٍ
يرجو دومًا
أن ينموَ
ويكتملَ
حتى يصيرَ واحدًا
وهذا لا يكون
…
وأنّ كلَّ نصفٍ
يرجو أن يلاقي نصفًا
عساه يُكمِلُ نُقصانَه
وهذا
لن يكون.
***
النصفُ نصفٌ
والنصفانِ
أبدًا
لا يصنعانِ واحدًا
بل يظلانِ
نصفين
بليدين
حائرين في حقل النُقصان
…
لا دمَ أخضرَ
في نُسْغِ النصفِ
ولا رِيَّ
يُشبعُ ظمأَه المحمومَ
للاكتمال.
***
أيتها الشاعرةُ الراميةُ
لا تأخذنكِ رحمةٌ
بالأنصافِ الناقصة
لأنها
شريرةٌ
خصيمةُ الجمال
خصيمةُ الفرح
…
اشحذي نِصالَكِ
وصوّبي سهامَك
نحو صدور
أنصافِ الشجر
حتى تتطايرَ شظايا جثامينِها
تحت أقدام الزهورِ
وتشربَ من نُسغِها المهدور
براعمُ النباتاتِ الوليدة.
***
ذاك أن
زهرةً يانعةً واحدةً
بألفِ ألفٍ
من أنصافِ الشجر .
***
Discussion about this post