مقتطفات من روايتي .
لمحها بجسمها الكُمثري الملفوف في فستانها القصير الأحمر ذو الرسوم المُزهرة البوهيميّة , تتهادى متوغّلة في ظلمة الممرّ المحفوف بأشجار الورد المؤدي إلى شاطئ النُزل اهتزّ خصرها النحيل فتراقص شعرها الكثيف الطويل الأسود على عجيزتها المكوّرة. تبعها , تجاوزها ثمّ وقف في فجوة بين شجرتين ينتظرها . بالفرنسية قال
ـ مساء الخير مدام ….لا تفهمين قولي ؟
رفعت كتفها وواصلت سيرها
حيّاها ثمّ عاد أدراجه آسفا
ـ أفهمك جيّدا
التفت مندهشا وأسرع الخطى نحوها
ـ تتكلمين الفرنسيّة إذن .حسنا.أنت ذاهبة إلى الشاطئ ؟ يمكنني مرافقتك
ـ نعم
مشيا في صمت ..قطف وردة وقدمها لها قائلا
ـ أرى سحر وجمال الشرق فيك سيّدتي
ضحكت في نشوة
ـ السخطة ما أحلاه
اتسعت عيونه الزرقاء ونكش شعره الذهبيّ
ـ لم أفهم
فأعقبت
ـ موش لازم .. الله لا فهمت
مشت حافيّة نحو الأمواج المتكاسلة عابثتها بقدميها . توقّفت ثمّ أشارت بإصبعها
ـ من هنا فرنسا ؟
ـ تقريبا
ـ التفتت قائلة بنغمة طفولية
ـ أريد الذهاب هناك.
ـ أمر سهل .تذهبين مع باتريك إن أردتِ ؟
ـ باتريك ؟
ـ إسمي باتريك جميلتي وأنت ما إسمك ؟
ـ فاتن ويُمكنك إن أردت تدليعي قول فتّونة
ـ فا ..تو نة …فتّوونة
أضحكها بطريقة نطقه لإسمها فقفزت كطفلة .أمسكها ونظر في عيونها بوله
ـ يُمكنك زيارة فرنسا معي . عندك جواز سفر ؟
كلام الليل مدهون بالزبدة هكذا أسرّت لنفسها ما كانت تدري أن هذا الفرنسي الموظف السامي في سفارة فرنسا بتونس كان صادقا معها
ترنّحت لا تدري هل برائحة الخمرة المنبعثة من فمّه أم بحسنه الباهر الذي دهشرها. انزلقت فتمسّكت به مخافة السقوط لفّها بين ذراعيه ملتصقا بها انفلتت منه وجرت مبتعدة عنه , لحقها فرفعت شبشبها محذرة
ـ شنوّة توّة ؟ يزي من البلادة .
أجابها بعربية مكسّرة
ـ أنا موش بلادة .. أنا نمووووت أليك
ـ فاتن يا فاتن وينك يا هاملة ؟
اندفعت مهرولة نحو صديقتها ” المُقردحة ” في صفاقة الفاجر الذي عثر على زلّة غيره
حيّاهما بأدب ثمّ قدم لفاتن ورقة كتب عليها اسمه ورقم هاتفه…
بقلم ….هادية آمنة
تونس
Discussion about this post