لقد تأخّرت.. وداعاََ
الشاعر والأديب …محمد زينو شومان
حان انصرافي.. أقفلوا المقهى حداداََ
واسمحوا للوقت أن ينفضَ جيبه من المللْ
كنت هنا كالبائع الجوّالِ
إذ يندب حظّه وفقدَ العربهْ
هاجرني نصفُ تفاؤلي إلى قارّة أوروبا
ولم يبقَ معي منه سوى المُسَوّدهْ
أو صورة السندْ
هاجرني نصفي إلى القبرِ
وما ظلّ معي إلا بقايا معطفي
وهيكلي العظميّ واسمي وحده وصورتي
على هويّتي الممزّقهْ
هاجرني محمّدٌ مخلّفاََ وراءه هذا الجسدْ
أمانةََ في عنقي
وليس لي من وارث إلا ضريحي في البلدْ
حالي شبيهة بحال قارئ كفيفْ
ماذا أقول لأبي إن زارني
في الطّابق السّفليّ من هواجسي؟
ألم تروا أنّ بشاشتي وضحكتي كذبْ؟
وأنّني منافق أخفي تجاعيدَ تعاستي عن العيونْ
مخادعاََ نفسي وأهلي وبنيّ ومحاكمَ القضاءْ؟
أتعلمون كذبي وحيلي وقدرتي
على ” التجلّي والخفاءْ؟”
أنا جهول كاذب جداََ
وغشّاش ومكّار خبيث.. لا تصدّقوني
قصّوا لساني وامنعوا عنّي صكوكَ الصفحِ والغفرانِ..
ويلي كيف أخفي وصمتي عنّي؟!
ألا حان انصرافي..
هذه آخر كأس لي على مائدة العشاءْ
وذاك أيضاََ ليس إلا الطبقَ الأخيرْ
وربما تكون هذي نظرتي الأخيرهْ
قد انتهى اللقاءْ
كم دارت الأرض بمنتهى الهدوء والحذرْ
حرصاََ على استقرار هذا الوجد في إنائي
سأترك المقعدَ بعدي لمغامر جديدْ
أَكثر منّي جرأةََ وفطنةََ.. حادّ البصرْ
يبحث عن أسبابه الخاصّة للنومِ
على ناصية الطريقْ
كم عابر داس مكانَ خطوتي
مختلف الوجهة والأحلام والرؤية والغرضْ!
هذا الرغيف بيننا فلنقتسمه قسمةَ القسطاسْ
دعني هنا مراقباََ حركةَ الأفلاكِ
والأهواء والمشاةْ
وفورةَ النشاط في ذاكرتي
أخضّها كأنّها قارورة البيبسي فتطفو فوقها
رواسبُ التاريخ والعفنْ
لقد تأخّرت.. وداعاََ حان وقت الانصرافْ
لبنان _ زفتا في 2023/2/4
الشاعر والأديب …محمد زينو شومان
Discussion about this post