قالوا : لنجعل للأم عيدا … قلنا : أ وا عجبا كيف يجعلون للعيد عيدا ؟؟؟هي الأهلّة إذا حلّت الأشهر الحُرُم، هي القناديل والمصابيح والزينة والأعراس، هي أهازيج وأغنيات واسراب فَراش يحترق بنورها من غاب عنها، يقولون إنه العيد… هي العيد تفصيل بسيط من تفاصيلها، استراحة محاربٍ يلوّح للأمجاد بحِنّائها ويكتب بكحل عينها تاريخه وهويته. قالوا إنه عيد. الأم … قلنا .. إمرأة تعجن الفرح بيديها كل صباح ، وتُطعِم أطفالها شهد الحرية والفكر والأصالة مع الخبز وزيت الزيتون، إمرأة تربي وتعلّم وتداوي وتُبرئ الجروح، تعلي صروح البلاد شامخة ، وتطبع بصمتها بجد وكفاءة في كل المجالات، هذه المرأة التي تركت اثرا في تاريخ البشرية ، تلك هي( الأم ) ، و التي وشمت اسمها في صخر التاريخ وأعمدته بأحرف راسخة ، عندما كانت الشعوب تتحسس طريقها للوجود ولفرض هويتها ، تستحق أكثر من عيد وأكثر من محفل، هي التي تعرف جيدا كيف تصنع الأفراح وتوقد مباهجها.
أريدك أنثى .. ولا أدّعي العلمَ في كيمياء النساءْ ..ومن أين يأتي رحيقُ الأنوثَهْ …وكيف تصيرُ الظِباءُ ظباءْ …وكيفَ العصافيرُ تُتْقِنُ فنَّ الغناءْ ..أريدُكِ أُنثى.. وأعرفُ أنَّ الخيارات ليست كثيرَه ..فقد أستطيع اكتشافَ جزيرَهْ ..وقد أستطيعُ العثورَ على لؤلؤَهْ ..ولكنَّ من ثامن المعجزاتِ، اختراعَ امرأهْ تدعي ( الأم ) ، هكذا تغنى الشعراء للأم وهكذا اعتبروها ثامن المعجزات وأجملها وأثمنها, لعلهم لم يبالغوا في شيء فالطبيعة أنثى, ومروج الورد أنثى ، والمطر والأنواء أنثى ، وباريس بين المدن أنثى, وأم الدنيا أنثى ، والقاهرة مهد الحضارات أنثى.
لا نستطيع ونحن نطرق موضوع ((الأم )) ، إلا أن نطل من هكذا شرفة : شغف القصيدة وسحر أنوثة لا حد له، هكذا فقط يتدفق الحب وتنطلق الحياة على غير مثال. فلم يكن نزار ، ولا من عاصره، ولا من لحقه، أو سبقه بحرف وإحسان, ليجد لشعره مقاما وكينونة ، لولا
أن في عوالم المرأة منبع الأمومة من السحر ، ما يكفي كي تنساب المخيلة وتنهمر القصائد، كل الذين امتشقوا حروفهم وحتى سيوفهم وأقلامهم ، وجدوا في الأم أسبابا لا تحصى للحياة وللتفكير, ونحن اذ نراهن على قضية المرأة ونجدد طرحها بكل حماسة وشراسة, إنما لرهان خطير ومهم هو إعادة الاعتبار للذات الانسانية .
فالمرأة (أمّ ) وأخت وحبيبة وصديقة ورفيقة درب وزميلة بالعمل, موظفة وعاملة ومناضلة وكاتبة ومبدعة ومفكِّرة, عنوان لكل شيء جميل في حياة الرجل والأسرة والمجتمعات أجمع، المرأة الأم هيي السيّدة ،هي التي تخيطُ سنينَ العمرِ بعطرٍ لتتنشّقَ الأيامُ رائحةَ الأنوثة، وهي التي تمسحُ عن آهاتها عرقَ الاستسلام ليرفلَ الأملُ في ثوبِ النجاة، وهي التي تلدُ الحب بمخاض الشّوق وتسمّيه بأسماء الورود ليؤمن بالقيامة، وهي دمعةُ كِبَرٍ لا تلمحها إلا حُبَيبات النّدى فتسرقُ منها لألأةَ النَور.
لأنّكِ امرأة ولأنك أمي ، تدينُ لك الحياة بابتسامة وقبلة، تدلّلي ،فأنتِ أمانةُ الربيع..
Discussion about this post