الغربة وأثرها على الحنين و البعد العاطفي ..
دعز الدين ابوصفية
بلا شك بأن الغربة بكافة أشكالها ومراحلها شيء مؤلم، فهي من أقسى المراح العمرية التي يضطر الإنسان خلالها للسفر خارج الديار والوطن ليبتعد عن الأهل والأصدقاء و الأحبة وكذلك عن مجتمعه وبيئته والعادات والتقليد التي توارثها عن الآباء و الأجداد لينتقل إلى بيئة ومجتمع مغاير بالكامل عما ألفه طول حياته ؛ وهنا وكلما طالت الغربة يبدأ الشعور بالملل والقلق الذي يتسرب إلى عمق نفسية وتفكير المغترب مما ينمي لديه الشعور بالحاجة للأهل ولمجتمعه و الإشتياق لهم.
ولكن قد تكون الدوافع للغربة هي السفر خارج الوطن بهدف التعليم أو للبحث عن عمل أو الهروب من أوضاع معيشية صعبة ظناً منه بأنه سيجد الأفضل ، ولكنه يصطدم بقسوة وصعوبة الحياة في بلاد الغربة التي قد تطول لسنوات طويلة تؤثر سلباً في توازن الذكريات التي تزاحمها هموم الحياة الجديدة، والتي معها ينشغل تفكيره بأمور ليس لها علاقة بمخزون الذكريات التي تكونت لديه خلال حياته قبل الإغتراب.
ولكن كل جديد بعد اغترابه عن أهله ووطنه فهو لا يعلمه ولا يستطيع التفاعل معه بشكل طبيعي حتى أن وسائل التواصل الإجتماعي لا تُحقق له التواصل العاطفي وإن كانت تثير لديه الحنين للأهل ولمجتمعه الذي مع طول الغربة بالكاد يتذكر كل تفاصيله وتضعف جاذبيته له .
ومن هنا فإن مقولة البعيد عن العين بعيد عن القلب هي مقولة حقيقة بشكل أو بآخر وإن كانت لا تنطبق بشكل كامل على الآباء والأمهات ، ومن هم دون ذلك يصبحون في صفحات الذكريات المطوية وقد تكون المنسية.
وفي فلسطين لا أوجع من الغربة التي بسببها أُغلقت بيوت لوفاة الآباء والأمهات والأصدقاء والأخوة والأخوات أو بعضهم لأنه لم يكن يسمح للمغتربين لزيارتهم إلا بموجب تصاريح غالباً ما كانت إدارة الاحتلال ترفضها، كما أن الظروف الجديدة للمغترب تجبره على الاستمرار في الغربة، قد يكون بسبب تحقيقه لنجاحات في عملٍ ما أو زواج تحتم عليه البقاء في بلد الإغتراب .
ولكن يظل الشوق والحنين متجذراً في القلوب .
د. عز الدين حسين أبو صفية،،
Discussion about this post