قصة قصيرة بقلم … أيمن فوزي
صوته بين الاستغاثة والألم وكثير من الكلام لم يكتب له الإفصاح عنه، وانا أكاد أحس به قبل أن أسمع نزعاته الأخيرة. وكيف لا وقد كان يسمع صوتي وصفيري الذي إعتاد أن يتلقاه إذا جد جد أو أصابني خطب، فأراه يسرع إلي في أي مكان كنت، ليكون دائماً بجانبي. يكاد ينهش من يفكر في مسي بسوء ولكن دائماً ما نكتفي بترويعه.
ها هو ملقً أمام الجامع الوسطاني في ساحة ليست بالكبيرة إلي جانب عمود،على ناصية الطريق، يمد بصره إلي وكأنه يشكو إلي ما حدث ولعابه يسيل من فمه من أثر السم، واناته يعتصرها ألم السم الذي يجري في جسده بعد تناوله قطعة اللحم المسمومة فأهم لألتقط رأسه الملقى على الأرض بيدي وهو يحاول الاستدارة برأسه لينظر إلي وأهاته لا تكاد تخرج من جوفه.
تكاد عيناه تفصح عمن فعل هذا حتى وإن لم يسعفه صوته فيقفز في رأسي مشهد عمي إبراهيم زوج خالتي وهو يتوعده بالموت بعد أن داس له الطوب اللبن الذي يعده كعادتنا في القرى للحرق ليصنع منه الطوب الأحمر فيفسد له عمل يوم كامل، رغم أني أكدت له أنه ليس هو من فعل هذا فلقد رأيت الفاعل بأم عيني ولكنه لم يصدقني لعلمه كم أحبه ولكم أخاف أن يمسه بأي سوء.
مازال هناك ينازع النفس الأخير في هذا الركن بهذا الوقت من الصيف والشمس لا ترفق بحاله وهو يسحب للموت أمام أعين الجميع و نصب عيني والكل في دهشة من هول هذه الفجيعة فهم يعلمون مدى تعلقي به وقربه مني وهم ما بين إستراق النظر لدموعي التي تنهمر بلا توقف وأنا أتوعد من فعل هذا واقسم أنه مات بغير ذنب قد إقترفه فأنا اعلم يقيناً أنه ليس هو من فعل هذا.
ومازالت عيناه معلقتين بي تستجدي نظرتي الأخيرة و هو يودع هذه الحياة وانا لا استطيع النظر إليه وها هي الحياة تفارق هذا الجسد الغض اليافع القوي ليلفظ آخر أنفاسه وعيناه تختلط بها دموع الألم ودموع الفراق.
هو كلبي الذي ربيته منذ سته أشهر في بيت جدتي، في شارعٍ ضيق صغير ذو نهاية مغلقة يسمى حارة العائلة، أحس به و يحس بي يفرح للقائي كما أفرح بلقائه،لا يكاد يراني في كل مرة إلا ونتصافح ونتعانق عناق الأصدقاء وهو ما علمته أياه منذ الصغر وشريط ذكرياتنا سوياً يمر من أمام عيني، أيموت هكذا وهو قد أتم بالكاد من عمره الستة أشهر والجميع يعلم أنها الكلبة السوداء من فعلت هذا.
Discussion about this post