شفتانِ أمْ نهرانِ مِن عطشٍ قديمٍ مَرَّ في بالِ السحابْ
يستمطران فمي المُرَشَّفَ بالعتابْ
شفتان علَّمَها المسيرُ على حوافِّ الجدبِ،
أنَّ الروحَ زنبقةٌ تربَّتْ قُرْبَ نبعِ الحبِّ،
أنَّ الوردَ لا يُرديه سعيُ البحثِ عن جذرٍ عطوفٍ
في ضميرِ الأرضِ،
بل يُرديه جزُّ الحلمِ،
والأحلامُ منجلُها الحقيقةُ،
والحقيقةُ شَعرةٌ بين الخطيئةِ والصوابْ!
في موعدِ الإزهارِ
تنبتُ قبلةٌ حمراء تغفرُ للصحاري القحْطَ
لو أهدتْ لها ماءَ الحياةِ بشكلِ دلوٍ من سرابْ!
ثغرٌ نديٌّ ربما يكفي لقلبٍ جفَّ فيه الحبُّ
مستعِرًا بلفحِ الريحِ مِن أنفاسِ( آبْ )
يا للشفاهِ حديثُها صافٍ جداولُه السكونُ،
وعينُه نبعٌ من الكلماتِ في دوامةٍ نشوى ..
وليلٌ مُترَعٌ بالسُّكْرِ والنجماتُ مُغمضة العيونِ؛
أمامَها قدْ مرَّ مُنخطِفًا شهابْ!
هي لحظةٌ لِلطفوِ للأعلى!
بحبلٍ خِيطَ مِن ضوءٍ خفيٍّ مستوٍ
ما بين شدٍّ وانجذابْ
مِن محورِ القبلاتِ يطفو الشعرُ قطعةَ سُكَّرٍ ذابتْ بأحضانِ المُذابْ
الله يا هذا الرِّضابْ!
شفتانِ
أم نهرانِ لا أدري
سوى أنِّي
أحبُّ نداهَما المنذورَ للهمسِ الشفيفِ
هناك ينبجسانِ عن بوحٍ سخيٍّ مُرهَفٍ
يحكي كثيرًا دونَ أنْ يهبَ الشفاهَ رواءَها
هو هكذا
يُعطي ولا يُعطي!
مؤرجحةٌ خطاه على مجامرَ مِن عذابْ
…..
مَنْ ألبسَ القبلاتِ أثوابَ الحريرِ ؟
وخاطَ للكلماتِ معنًى غيرَ فستانِ القصائدِ ؟
مَن تُرى قد جاء مِن أقصى المدينةِ
حاملًا أصوافَ موعدِه القديمِ
وليس يملكُ مِن فتاتِ الحبِّ إلا يومَه المنسيَّ
عبَّ زجاجةَ الحزنِ الشهيِّ
وحين أسرفَ في الشرابْ،
فُتحت خزانةُ روحِه المَلأى بأنواعِ العطورِ :
هناك عطرٌ خالِصٌ للحبِّ،
عطرٌ مِن فمِ الذكرى،
وعطرٌ مُرْجَأٌ يومَ الوداعِ
نحيبُه للآن يَعْلَقُ في الثيابْ!
مَن علَّم الإنسانَ
أنَّ الثغرَ فيه مناجمٌ أغلى مِن الكنزِ المخبَّأ
في الكهوفِ وفي الترابْ؟
ماذا سألنا اللهَ ؟!
ما قلنا بنجوانا الأخيرةِ
يومَ توزيعِ المصائرِ والهباتِ
ليمنحَ القلبَ الدلالَ،
فمذْ دعوناه استجابْ!
هل قبلةٌ تكفي لِتمنحَنا النعيمَ ؟
وما سيوجدُ في الجنانِ مُخَبَّأً
غيرَ الذي ذقناه في دنيا اللذائذِ ؟!
قُبلةٌ أخرى ويُفتتحُ الجحيمُ أمامَنا
يا أيها الربُّ العطوف …
لا تمتحن صبري عنِ القبلات!
Discussion about this post