الشاعرة دنياس عليلة….. إهداء إلى كل أمازيغ العالم
كل عام و نحن بخير
الأرض صارت أوضح.. !
خرجت مني أفتش عني
ألملم بقايا ملامحي من سواحل التاريخ
أجر على ظهري هوية غامضة لأوضح خطوي
لغتي تعرفني و لا أعرفها
تزوجتها لحظة انكسار للمدى
و خراب في الأرض…
لي نورس خطف صوري
و لي موجة اخترقت ضفافي
لتسبي مراكبي
لتحفر في الروح مجرى آخر مخالفا لمساري
قشرت جلدي لتخلع عنه ختم أوشام
تؤرخ أسلاف القصص
عيون الحصى تنام على رمال التعب
وتصحو حين تسكن صرختي
تتوسد ظل فارس يفكر في الأبدية
مسجى على ظل فارس آخر
سبقه إلى اللحد
ونسي يده
تمسك ورودا بيضاء و غيمة فرح…
أواصل البحث عني لأتأكد
أني خرجت من دمائهم واقفة على أرض
يسندها جبل
الجبل ينتصب أكثر سموقا
حين يتلوى الوجع في نسيج أوردتي
حين أطيح بالنظام القائم
لدمهم المقتحم
و أنزلق منه داخل دمي
داخل حلمي الناعم
داخل رعدي المزمجر…
دمائهم لا تلتئم بها جروحي
فلماذا أحملها ؟
أرضهم أصغر من عالم يسكنني
فكيف تحملني ؟
خرجت منهم سالمة
على أرض يسندها زيتون
جذور الزيتون تتشبث أكثر
بقوة الجبل
لأنها تخاف على غلتها الأولى
من الأرض الملتوية الخائنة
التي تغير ترابها مع كل عاصفة
تخاف من اليد
التي تحمل الهواء بغباره الأسود
و أوراقه الميتة
و من اليد التي تسطحها أرضا…
أنا بالحلم الذي أحمله
أشد صلابة من الجبل و الزيتون
السير خارج ذاتي يجنبني عواصف البحر
لا يسمح لقراصنة الحلم أن تقتص مني…
أنا المتخلية عنهم و المتخلى عنها
أنا الفرد و أنا الحشد
معي ما يلجم الريح الجامحة
و ما يحارب الهواء الراكد المنيع…
معي ما يحرسني من ظلهم الخاطف
و ما يحرسني من بقائهم البغيض
على أعتابي…
الطريق تنتهي لتبدأ
من حيث شردنا التاريخ
من حيث خسرنا الأمكنة
من حيث إبتلعتنا الأزمنة
من حيث صقلت السيوف مرايانا
نهايتي تصب في بدايتي
تصب في أبيض بدء التكوين
في أول موجة تسكن البحر
في أول ذرة تراب تسكن البر
في أول يد سطت على هويتي
في أول جرح أضاء ذاكرتي…
كأن الشمس أتت من أجل عتمتي
كأن البحر رفع عن أمواجه الزبد من أجل مراكبي
كأن السماء رفعت أجراسها لتحرر الغيم
كأن الخيول تركض على السفوح
لتوقد من التراب نرجسة..
كأن الفضاء إتسع
لأسمع الصهيل المنتظر
يلفظ إسم بلادي بلا خطأ…
رأيت في الصهيل وجه جدتي ” ديهيا ” يبتسم
وهي تعلق آخر ظل لها على جبال “الأوراس”
تخبئ في ابتسامتها أمجادا و حكايات معطلة
و تقف كالسنديانة
داخل رائحة الغدر المنبعثة من بئر مجاورة…
” تامازغا ” تشكلت جسدا
يخط على هوامش الروايات أوشاما…
آن لي أن أعرف من أنا
آن لنفسي أن تعود إليّ
آن لــ” تانيت ” أن تبارك عودتي
و ها أنا أسمع الخطى ذاتها
منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد
تدق جدار عتمتي…
تسبقني إليّ…
الأرض صارت أوضح
اللغة صارت أوضح
لا أدري إن كان صوت قلبي
أو الصوت المحبوس في اللغة
يصرخ ” أمازيغية أنا ”
Discussion about this post