الأديبة وهيبة قوية تكتب…..
كف الأيام التقطتُ الذّكرى، متناثرةً من كفّ الأيّام. وقبضت عليها في راحتيّ، ألملمها، وأرجّها وأتلو رؤاي، مثل عرّافة تخلط الوَدَع في راحتيها، ثمّ تبعثره على منديل الرّمل، وترتّبه قدرا في تفاصيل الحكاية.
وكان عرّافا…
قبض على ذاكرتي، حتّى سكنت روحي. ثمّ حرّكها في الرّيح فعصفت بغبار الطّريق. وافترش في غبش الرؤى رمل الحكاية يرتّب قدري.
يشهد الودعُ كم خجل وهو يهمس بأسراره إلى الطريق وتقلّب موج الحكايات الحزينة.
ويشهد الرّمل كم شرب من غصص الملح وكم شرق بالموج.
وتشهد الطّريق كم سافرنا نبحث عن وجهينا قبل أن نصل إلى مفترق المرايا حيث انطفأت ملامحنا، واشتعلت الذّاكرة في خريف العمر…
لم أكن أعرفه، ولكنّي قرأت ذاكرتي معه.
كنّا، من هشيم الذّكرى، نرتّب الصّور، نمحو صفحة من مراثينا، ونكتب أخرى في دفتر عمريْنا، والأيّام أوراق تتساقط من شجرة الحلم، تحتمي بفيئها، وتكتب خريفنا.
كنّا نعيش الذّكرى حقيقةً غارقة في الغموض ووهمًا أكثر وضوحا من النّهار.
كنّا، نتدثّر بالحكايات المشتهاة، وظلّنا يخرج من سجنه باحثا عن منتهاه…
حلّقنا مع أنفاس اللّيل والقصائدُ قناديلُ مسرجةٌ في سماء الوجد…
كتبنا ميلادنا على ألواح العمر.
رتّبنا ذاكرتنا الجديدة في رفوف الفجر نشيدا يردّده الطّير في شرفتنا.
أنا وصديقي وثالثنا الحكاية، وشاهدنا رائحة القهوة تعبق في شرفة القلب، تشاغب توهّج الأشواق، وتجمع تفاصيلنا غيما في خلايا الحلم.
وهيبة قويّة
من أنا وصديقي نرتّب الكلام
بوّابة الكلام
الصورة: إذا لم تعاود طرق باب القلب، فإنّ جدرانه تتداعى، وليس سوى طحالب الذّكرى تتطاول على مداخله وأعشاب الحنين تنمو على سطحه… ويتّخذ القلب صورة جديدة، غارقة في هشيم الذّكرى، وقد لا تعرف الطريق إليه إلاّ وأنت طيف من الذّاكرة القديمة.
*الصورة: بيت قديم صوّرته من أحد السطوح في العالية، المدينة العتيقة. نوفمبر 2019
كان بيتا حين كان أهله… قد رحلوا ففقد بابه ووجهه.
Discussion about this post