بقلم أ.د. حسين علي الحاج حسن
لشدما كان هاجسه ثقيلاً عندما التقاها،.. إذ قلما كان قد تحدث إليها سابقاً، وإذا به فجأة يقرع أبوابها بإصرار، فتخرج إليه من دارها،.. وخطواتها متثاقلة،.. تحدجه بنظراتها الثاقبة،.. مستغربة من قدومه المفاجئ،.. ومتساءلة عما أخبرها به؟!..
كانت تقف أمامه متجاسرة بادعاء باهت،.. واسيرة لكبرياء زائف يمنعها من الاستماع إليه.. أو اقله تمنع نفسها منه،.. من أن تعلم ما الذي أتى به إليها؟!.. وما الذي اراد اخباره لها؟!..
كانت تمني نفسها بهدوء مزعوم، .. وقلقها يزداد شيئا فشيئا..، فتحاول اشغال نفسها بما يمنع منها تفكيرها به.. علها تطوي عن نفسها صفحة ما ترددت يوما بالإفصاح عنها،.. فهي لم تستهن بشيء، .. ولكنها.. لم تعرف ما كان يدور في خلده؟!..، وما الذي أراده منها؟!.. فقد سدت عليه كل منافذه…، أما هو كان يتساءل كيف له أن يخاطب ودها ويمني نفسه في إنتظار ردها؟!.. وكيف لها أن تحزم أمرها بجلادة؟!،.. .
كان التفكير بكلماته،. يمنعها من الكلام معه.. ويجعلها مترددة وقلقة منه،.. وفي حيرة من أمرها.. من ذاك القادم من المجهول… رغم أنها قالت له يوما: ما عدت أرغب بشيء يا سيدي .. ارحل برجائي بعيدا عني .. لا أرغب ودك ابدأ.. ارحل عن قلب سكتت به ازمنتي.. ودعني في عالمي.. لكن ارحل يا سيدي من وجودي.. فأنا ما عدت ارغب اللقاء… أما هو فقد كان بجيبها بصمته قائلا:
تهاجرني كلماتك.. فأبدأ البحث.. عنك.. هنا وهناك.. يجافيني العمر فيك.. فأدرك.. ان.. الصبر رؤاك. أهذا أنت؟!.. أأم حلم.. جاء ساعياً من سماك؟!.. أم هذه أضواؤك .. قد شعت .. في ليل.. فغدا الشوق سكونه في تلك الصباحات والمساءات.
كثير ما كان يرغب بالسير في الشتاء تحت زخات المطر ،.. وحده دون مرافقة من أحد.. يخفي دموعه المتسللة قسراً عنه مع تلك القطرات المتساقطة على وجهه،.. وإذا ما خرج من بيته،.. تلفح بوشاحه الأسود ووضع يديه في جيوب معطفه،. وهو يسير في تلك الطرقات المنسية.. التي هجرها أهلها بغير هدى إلى اللامكان، مستذكرا إياها.. وهي تسأله قائلة: ما هذه؟!! … وكيف أجابها قائلا: إنها قصيدتي.. كنت قد كتبتها منذ ايام.. وأرسلتها إلى اصدقائي تباعاً… فيما كان يلحظ ردة فعلها،.. التي كان يجهلها.. وهي مستغربة منه ذلك..، ومتأملة بما يدور حولها.. وكيف تساءلت آنذاك في سرها الذي كاشفته إياه يوما، عما إذا كان يعبث بها؟!..وكيف عندما التقيا عاتبها بشدة لتجاهلها صباحه..، كانها أرادت استفزاز مشاعره واطلاقها من كبوتها ،
Discussion about this post