بقلم … أبو رحيل …
وعندما يرجع جدى من صلاة الفجر تبادر جدتى بايقاظى من نوم عميق اغط فيه وبصعوبة بالغه أستيقظ بعد تهديدى باخبار جدى وبعدتناول الفطور ( تُشكم) جدتى البقر وانا آخذه الى الساقيه وامتطى السرير الخشبى ذاك العود من خشب (الاتل)وينتهى بطرفين أجلس عليهما هاشاً(بالشلاطه)على البقرتين امامى وتدور الساقية وتدور معاها احلامي وتأتى الظهيرة وأتحسس خطى جدى وهو قادما نحوى فاجد من مسير الأبقار حينما ترمقه عينى هالاً من بعيد فاليوم لن أركب الساقية إلى المغيب كحال سابقة فقد أنتهيت من سقى الزرع وأعود الى البيت لاجد جدتى وخالاتى اوشكن على الانتهاء من الخبيز لهذا العيش الشمسى بلونه الذهبي الجميل ونأكل منه مع المش القديم والجبن وغيرها من الخيرات الكثير والكثير فقد كانت بيوت عامرة بالخير والبركة والحب والاحترام وبعد المقيل فى هذا الحر الشديد يأتى العصر وأخذ الاغنام إلى المرعى وانا احرسها من ان تأكل من زروع الجيران واشاهدها وهى تناطح بعضها البعض واخرى تجثو صغارها على قدميها الاماميتين وهى تلتهم حليب امها وتلك تجرى هنا وهناك باحثه عن العشب وآنا ألاعب الكلاب التى تكاد تحتضنى اذا ما ناديت عليها واختلس الوقت واخذ قرن شوك من شجر السنط ووريقات من (السفير )
بعدما اصنع منها ما يشبه ريشه المروحة واثقبها بسن الشوك واحبس عليها ببعره من بعرات الغنم وأثبت الطرف الاخر بكعب من (البوص)وأجرى ماسكا بها وهى تدور امامى أصل بها الى شجرة زهر الحنه برائحتها الذكية واتلصص على الجعارين ممسكًا بأحدها واغرس فى ظهره مروحتي بعد انتزاعها من كعب البوص ومن ثم يطير الجعران مصدرًا ذاك الأزيز وتدور مروحتى فوق ظهره وانا لاهيًا تعتليني الضحكات عليه غير مبالى بآلامه واسند ظهرى على ترس ساقيه الخشب والتى كانت تعمل بالقواديس من الفخار فقد ركبتها مراتٍ معدودة فقد افل نجمها بعد ظهور الساقية الحديدية وكذلك النورج الذى ركبته أيضا مواسم معدودة وهو يدور بسكاكينه على ( القت )تلك الحزم من القمح والمبرجه فوق بعضها البعض وكلما دهست سكاكين النورج تلك الحزمات القوا أمامها اخرى ومن ثم ننتظر هبوب الرياح ليقوم عم حامد بتدريتها ( بالمدرايه )والتى تشبه شوكه الطعام غير انها خشبية كبيرة الحجم وناخذ الغلال فى (التلاليس ) وننقلها بالحمير وتقوم جدتى بتخزينها فى (الصفط )
وعلى مد البصر ارى ذاك المحراث الخشبي تجره الأبقار ( ويقطرون) ببطن صفوفه الغلال وطائر ابو القردان يلتهم الديدان من الأرض وتوشك الشمس على المغيب وأعود بالأغنام لسقيها ووضعها فى مكان مبيتها ويأتى الليل ونتونس الونسه الجميلة
الغريب فعلًا إننى احن إليها وأستشعر حلاوتها أكثر من ذى قبل أكثر حتى من لحظات حدوثها فكانت آمالنا أن نكبر ونخلص من هذا العذاب الذى اعتقدناه كذلك وكبرنا وأدركنا أن هذا العذاب كان جنتنا التى لو احسسناها مثل الان لما تمنينا ان نكبر ونظل نعيش هذا اليوم من العمر الذى نحن اليه وجعلته على صدر حديثى ،
يوم من عمري
Discussion about this post