سيميائية الحروف
في رواية: وجوه خلف الأقنعة.للدكتور نزار دندش
بقلم الدكتورة بهيّة أحمد الطشم
” انّ الحياة عبارة عن مسرحية,كل واحد فيها يلعب دوره أو أدواره بجدارة.” وفقاً لقول الفيلسوف الرياضي اليوناني فيثاغورس Pithagore, ويقول صاحب كتاب دمعة وابتسامة: جبران خليل جبران:” انّ الحياة مزيج من الدموع والابتسامات,أمّا الحزن فهو الحلقة الذهبية في سلسلة الحياة,نلتمس منه الحكمة والموعظة.”
ننطلق من حنايا هذه الأقوال العظيمة لمُقاربة أو تأطير أبرز أمهات وبنات الأفكار في رواية : وجوه خلف الأقنعة للدكتور نزار دندش.
تُظهر سُطور الرواية شرف الحُب في زمن العهر,وطغيان النفاق ابّان الانهيار الاقتصادي العارم,حيث يبرز الحُب كأعظم مسوّغ للوجود الانساني كما تبرز الشمس كمركز للكون عند كوبرنيكوس,فتدور تفاصيل الرواية حول شخصيتين اساسيتين نبيل وحبيبته دينا ,اذ جمعتهما قصّة حب مُثقلة بالمنعطفات والصعوبات( جائحة كورونا, والانهيار الاقتصادي),ولكن في الوقت عينه شكّلت عنواناً ساطعاً في فلسفة التحدّي والاستجابة طبقاً لنظرية التحدّي والاستجابة لأرنولد توينبيTynbee( أعظم فلاسفة التاريخ).
لقد خلقت التحدّيات الجمّة أمام الحبيبين أعظم استجابات سلوكية لأنّهما تمسّكا بشعور الحُب عبر زِمام الارادة الحُرّة ,وانتهزا الفرص السّعادوية لاكسير الحياة(الحُب) من بين مخالب اليأس,وتكاد الألوان الزاهية لمعالم المحبة بين البطلين أن تُلغي السّوداوية البالغة في أحداث الراهن المعيوش في وطننا الموجوع لبنان سواء على الصعيد الاقتصادي أو على صعيد انهيار المنظومات الأخلاقية والاجتماعية.
وحدها المحبة الصادقة المتعالية عن الابتذال تعيش لأبد الدهر مهما أحاطت بها أشواك الكراهية أو قيود الجهل واعتبارات المصالح المتباينة.
اذاً,لكلّ وجه من وجوه الشخصيات حكايات زاخرة بالأسرار ,وتتعدد القصص والخلفيات ,وغالباً ما تكثر معها الأقنعة لنستحضر في الذاكرة ازاء ذلك مفهوم الطبقات الثلاث للشخصية لكلّ انسان والتي صنّفها روّاد علم النفس: الطبقة السطحية, الطبقة الانتقالية والطبقة العميقة.
ذلك أنّ كل واحد منّا يواجه المجتمع بطبقتي شخصيته السطحية والانتقالية ويعيش في خلوة مع نفسه من خلال طبقة الأعماق وهي الطبقة الأصدق في الشخصية.
وكأنّ الوجوه بأنواعها هي واجهة الشعور واللاشعور ,الوعي واللاوعي وما قبل الوعي في كل شخصية,حيث تحفّز حروف الرواية منطقة
amygdala عند القارىء ( وهي منطقة صغيرة في دماغ الانسان مسؤولة عن سُرعة البديهة).
وفي الختام,ننشد أنشودة المحبة على ايقاع ارادة الحياة في زمن الموت المتعدد الوجوه,فكلّ ما يتألم يريد أن يحيا,كما اعتبر فيلسوف القوة نيتشه ,فطبع الكينونة بطابع الصيرورة تلك هي أعلى اردة قوة.
ولعلّنا نلتمس حكمة ساطعة لارهاصات ضوئية من الزمن ألا وهي : ما أروع سِيادة المحبة والتي تمثّل الوجه الحق أو الحقيقي للانسانية, تدحض كل ألوان الزّيف والنفاق !
Discussion about this post