في الذكرى الـ 49 .. انتصارات اكتوبر المجيدة ملحمة عسكرية أبهرت العالم.
كتب -اسامة خليل.
في الذكرى الـ49 لحرب أكتوبر المجيدة لا يسعنا سوي تذكر انتصار الجيش المصري على الجيش الإسرائيلي، فهو نصر أعاد الهيبة والكرامة للأمة بكاملها بعد سنوات من هزيمة جعلت الرؤوس مطأطأه، واستولى خلالها الجيش الإسرائيلي على سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، وكان لابد من رد فعل يحفظ للأمة كرامتها ويعيد سيناء إلي مصر، وهذا كان السبب الأساسي لحرب السادس من أكتوبر في عام 1973.
بالرغم من مُضى 49 عامًا على حرب أكتوبر المجيدة ، فإنها مازالت محفورة فى ذاكرة التاريخ العسكرى وفي وجدان الشعب المصري والشعوب العربية ، ويتزامن الاحتفال بذكرى حرب اكتوبر مع بداية العام الدراسي الجديد
لقد كانت حرب أكتوبر 1973، بلا أدنى شك، أحد أهم، وأعظم، الأحداث التاريخية فى العصر الحديث، والتى غيرت العديد من المفاهيم والأفكار السياسية والاستراتيجية والعسكرية، ليس فى الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم اجمع
نصر أكتوبر كان أعظم انتصار للشعب المصري، فلاشك أن الجميع يحلم بوطن حر لا يُسيطر عليه الأعداء. لذا نجد أن المصريين رفضوا بقاء أي عدو على أراضيهم، والعمل من أجل أستعادة الأرض والكرامة، فعلي مدار فجر التأريخ يأبى الشعب المصري الذل أو أن يهان، وفي تلك الحرب أكدنا على ذلك بعد بضع سنوات من هزيمة جعلتنا أقوى، لنؤكد للعالم أجمع أننا لدينا جيش قادر على رد الاعتبار ونعيد إلي أنفسنا وللأمة العربية الثقة والفخر بعد أن كسرنا غرور العدو الإسرائيلي.
الاستعدادات وأهم أحداث الحرب
كانت الاستعدادات لحرب أكتوبر قد بدأت بعد نكسة 1967 مباشرة، والاستعدادات هذه شملت إعادة بناء الجيش المصري من حيث المعدات والأسلحة ومحو ألأثار النفسية للهزيمة لدى المقاتلين، وبعد ذلك مباشرة بدأت حرب الاستنزاف التي استمرت حتي يوم السادس من أكتوبر، الذي بدأ خلاله قيام الجيشين المصري والسوري بالزحف نحو الحدود الإسرائيلية في وقت واحد، في خطة بها الكثير من الدهاء والذكاء، خاصة أن الحرب أتت في يوم الغفران لليهود وكان الكثير من الجنود في ذلك الوقت بالإجازات، ونجح الجيش المصري في الساعات الأولي من الحرب في اجتياز قناة السويس والوصول إلي خط بارليف الذي كان الاعتقاد السائد حينها من قبل العدو أنه لا يقهر وتدمير الساتر الترابي من خلال خراطيم المياه في أمر أعتقده الخبراء العسكريين أنه معجزة وكان أحد أهم أسباب النصر
نتائج وفوائد حرب أكتوبر
تلك الحرب قد أكدت على قوة الجيش المصري وأن جميع الأسلحة سواء السلاح الجوي أو سلاح البحرية وسلاح المشاة كانوا على خير أستعداد لتلك المواجهة، كما أكدت الحرب على تلاحم الشعوب العربية مع مصر وكان ذلك واضحاً في مساعدات العديد من الدول العربية سواء كان ذلك في عدم تصدير البترول والغاز إلي الولايات المتحدة الأمريكية المساندة إلي الجانب الإسرائيلي وعلى رأس تلك الدول هي المملكة العربية السعودية، أو من خلال مساندة الجيش المصري بالأسلحة والجنود وكان على رأس تلك الدول سوريا والأردن والجزائر وفلسطين، وأعادت تلك الحرب الثقة المفقودة لدى الأمة العربية بالكامل، وقبل كل تلك الفوائد فأن الحرب كان سبب في أستعادة الأراضي المصرية سواء كان جزئياً عن طريق القوة ومن ثم استعادة الأراضي المصرية كاملة عن طريق المفاوضات والتحكيم الدولي.
خلال تلك الحرب أستطاع الجيش المصري تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي وكسر غروره، وكانت الحرب بداية لثقة الشعب في جيشه بعد النكسة وبداية لسلام نعيشه حتى الآن دون حروب بعد أسترداد كامل الأراضي المصرية.
بعد قيام النكسة والتي حدثت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر واحتلت بها إسرائيل الأراضي المصرية الشرقية بسيناء، حدثت انهيارات اقتصادية وسياسية وعسكرية قوية، وبعد عدة سنوات من النكسة لم تغفل مصر تلك الأراضي المغتصبة من قبل العدو الإسرائيلي، فبدأت الترتيبات للتخطيط لهجمة على العدو.
وبدأت الخطة بحرب الاستنزاف التي استهدفت انهاك وضعف وتوتر العدو، وخسرت خلالها إسرائيل الكثير من العوامل المادية والاقتصادية والعسكرية، كما خسرت مصر بعض الشهداء الأبرار.
وقامت إسرائيل بعد هذه الحرب في بناء الحصون والقلاع والتحصينات اللزمة والقوية لمنع الهجوم المصري الذي قد يحاول دخول أراضي سيناء المحتلة، وتم بعد ذلك بطولات للجنود المصريين في تفكيك قوة الجيش الإسرائيلي وأهمها إغراق المدمرة البحرية بإيلات الإسرائيلية.
وبعد إتمام تلك الحرب وهدوء الطرفين بدأت مصر في الخطة الثانية وهي القضاء تماما على العدو من خلال شن هجمة قوية تنهي الاحتلال بالكامل، وتم التخطيط الفعلي من قبل القوات المسلحة بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات، ورئيس هيئة الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي.
وقبل الحرب قامت القوات المسلحة في استغلال الشركات الحكومية والقطاع الخاص في القناة بإقامة تحصينات ومخازن للسلاح والذخيرة بها، كما وقامت بحفر عدد كبير من الخنادق المتصلة فيما بينها، وقامت بتعلية السواتر الترابية غرب القناة وإنشاء هضبات عليها لتتمركز الدبابات فيها، وتم عمل شبكة صواريخ مضادة للطائرات، وأنشأت ملاجئ ومطارات ووحدات هندسية لصيانة الممرات، وذلك تفاديا لهزيمة 1967.
وشنت الحرب يوم السادس من أكتوبر في تمام الساعة الثانية ظهرا بهجوم موازي مع القوات السورية في هضبة الجولان المحتلة آنذاك من قبل العدو الإسرائيلي، واختير هذا اليوم بالتحديد حيث يوافق ذكره عيد الغفران لدى اليهود وينشغل الإسرائيليون فيه بالصلاة والاحتفال والرقص وغيرها من الأمور التي أدت لانشغالهم عن مواقع تحصيناتهم.
وهاجمت مصر العدو من ناحية قناة السويس ودمرت خط بارليف واخترقته لنحو الأراضي السيناوية بنحو 20 كم، وقامت القوات السورية بتدمير الخطوط الدفاعية والتحصينات في الجولان، إلا أن خطأ في إحدى القرارات السورية جعل العدو يستغل الظروف لصالحه وقصف القوات السورية مما جعل الأخيرة تنسحب كليا.
واستمر القتال ليوم 28 أكتوبر، وتوقف بعد وصول قوات تابعة للأمم المتحدة في منطقة القناة لتشكل عازلا بين الطرفين، وعلى الصعيد الرسمي انتهت يوم 32 مايو لسنة 1974 بعد توقيع مصر وإسرائيل على اتفاقية فك الاشباك ، وقد استردت مصر أراضيها المحتلة، واستطاعت التغلب على العدو الإسرائيلي والذي كان يرى نفسه صعب الهزيمة، ومن بعدها لم تجرؤ أي دولة على مصر، وأصبح لها شأن كبير في العالم بأسره، وأصبح لجيشها العظيم مكانة لا تصد ولا ترد.
وتظل هذه الحرب عملًا عسكريًا عظيمًا حققته القوات المسلحة المصرية، والشعب المصري العظيم الذي يقف خلف قواته المسلحة الباسلة ، وبمساندة من كل الشعوب والجيوش العربية.. لترتفع هامات العرب جميعًا، بعد أعظم انتصارات العصر الحديث.
Discussion about this post