كتب : عبدالرحمن مؤمن عبدالحليم
الشخصية النرجسية لها علاقة وطيدة بصفات المنافقين والذين في قلوبهم مرض كما جاء في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ويتألم ضحايا النرجسين أكثر عندما يكون النرجسي زوج أو زوجة وخاصة إذا كان هناك أولاد وعندما يكون النرجسي من الأقارب وأقارب الدرجة الأولي مثل أب أو أم أو أخ فهؤلاء لا يمكن الابتعاد عنهم بسهولة
وأيضاً يتألم ضحية النرجسية كثيراً عندما يكون زميل مقرب في العمل
فالزوج النرجسي يمارس كبريائه وسطوته علي زوجته وأولاده وأهم ما يشغله أن يرضوا رغباته فقط ولا تتحرك مشاعره نحوهم فهو شخصية أنانية يريد أن يسخر الآخرين لخدمته أشد وأثقل خدمة دون أن يقدم له شئ ظنا منه أنه يستحق أن يخدمه الجميع لأهميته المزعومة و يعاني من البخل وإدعاء الفضيلة والكذب والغيبة والنميمة وسوء الظن وحسد الآخرين علي ما هم فيه وتمني زوال النعمة منهم ويري أنه أحق منهم ويستخدم مع زوجته وأولاده أسلوب الصمت العقابي عندما لا يلبوا رغباته وهو بطبيعته متنمر سواء بأسلوب السخرية والتقليل من الآخرين وخاصة أهل بيته فمن الممكن أن يعتدي علي زوجته وأولاده بالضرب المبرح .
وصفات النرجسي كثيرة لذلك تعالوا نتعمق أكثر داخل تفاصيل تلك الشخصية المريضة لنتوخي الحذر منها إذا كنا نعيش معها أو توجد مثلها قريبة منا
قال الله تعالى (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾
ونهي رب العزة في كتابه الكريم عن السخرية والتنابز بالالقاب فقال تعالي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]
وقال صلي الله عليه وسلم في حديث رواه أحمد وأبو داود
أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته».
وهناك حديث شريف عن الصادق الامين عن صفات المنافقين والتي هي نفسها صفات النرجسيين
يقول ﷺ: أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما،
هذه الصفات السلبية كلها التي ذكرت في القرآن والأحاديث النبوية تتجمع في شخصية النرجسي المصاب بإضطراب نفسي الذي يفتخر بنفسه ويعشقها بجنون ويكون حبه لنفسه في المقام الأول ولا يهمه حياة الآخرين ولا مشاعرهم ولا ما يعانون منه
وتوجد الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث التي تصف أيضاً شخصية النرجسي .
النرجسي أغلب وقته يصور كأن الناس كلها سيئة بينما هو لا يتحمل أبدا أن ينتقده أو يسخر ذلك لنفسه ولا يعترف بخطائه مهما كانت الأسباب بل يسعي لتزييف الحقائق دائماً وتبرير مواقفه .
ولا يتحمل النرجسي الوحدة أبدا ولا الفراغ لذلك فإنه بمجرد كشف ضحيته خططه ومؤامرته الدنيئة وهروبها منه يسارع إلى البحث عن ضحية جديدة يتلذذ بتعذبيها نفسياً .
ويستسلم للوساوس والشك ولديه غيرة شديدة علي زوجته ليس حباً فيها فهو خالي من المشاعر والأحاسيس ولكن لأنه يحب الإمتلاك ولخوفه من أن تتعرف علي شخص آخر غيره أو تتفوق عليه في العمل أو الحياة عامة .
وينظر بشدة دائماً لأموال زوجته ويطالبها بأنفاقها في البيت ويحاول أن يخلي مسؤوليته من الإنفاق علي أولاده وترك زوجته تتولي تلك المهمة فهو بخيل جدا في مشاعره داخل المنزل بخل مشاعر وبخل في الإنفاق بينما يظهر أمام الناس أنه سخي وكريم إذا لاحظ أن الأضواء مسلطة عليه أو يرغب في ذلك .
ومن المفظع أن تجد النرجسي يتهم زوجته باتهامات باطلة تصل إلى حد الطعن في أخلاقها بسبب كثرة شكه ولكثرة تجسسه المستمر عليها .
ولكن الكثيرون يتساءلون لماذا يرتبط النرجسي بأمه ولا يفعل ذلك مع زوجته
فإمه التي عودته علي التدليل المفرط وتحملت نرجسيته طوال عمرها بل في بعض من الأحيان تكون الأم هي السبب في أنانية و نرجسية أبنها بسبب أسلوبها في التعامل معه والنرجسي بيكون لديه الرغبة أن تفعل زوجته ما فعلته أمه معه من تدليل مفرط ولكن يفاجئ بإن الزوجة تنشغل عنه بسبب عملها أو إنجابها أطفال لذلك تجده شديد الانتقام من الزوجة والأولاد وأغلب الوقت يسعي لتدميرهم نفسياً بكلامه وعنفه اللفظي والبدني
ويسعي الكثير من الآباء النرجسسين إلي توريث صفات النرجسسين للأبناء من أنانية مفرطة وحقد وحسد من الآخرين وتصنع الطيبة أمام الناس بزعم أن الحياة فهلوة .
والان حان الوقت لنخبركم أيها القراء الأعزاء بكيفية التعامل مع النرجسي
أحرص على تجاهل النرجسي والرد عليه باجابات مختصرة فهو يتربص الأخطاء ويزييف حوارك علي هواه و أظهر له عدم المبالاة أثناء سخريته منك ومما تفعل من اشياء إيجابية وتظاهر أمامه بالابتسامة وأن كلامه أكيد لا يقصدك به كأنك يمزاحك وأفعل ذلك خاصة أمام الناس فهو يحترف التقليل والسخرية من زوجته مثلا أمام الاصدقاء والجيران والاقارب فإذا رأي أن علامات الغضب والحزن والانكسار والضعف لم تظهر علي وجهك من كلامه مرات عديدة فلن يكرر ما يفعله من أسلوب مستفز والنرجسي لا يتحمل وجود نرجسي معه ويبرع في دور الضحية دائماً وأن الضحية الحقيقة هي المخطئة لذلك قدر الإمكان يجب أثناء تعاملك مع النرجسي أن يكون هناك شخص آخر شاهد علي حوراكما أو تسجل وتدون كلامه فهو كثير الكذب وتزييف الحقائق وليس له عهد أو كلمة ،كسول وأناني
تسيطر عليه ذكريات الماضي التي تعرض فيها لاهانات وتقليل من شأنه أو تدليل زائد ثم حرمان في الوقت الحاضر فتصنع منه شخص إنتقامي ،يعيش في صراع داخل نفسه ولكن أمام الناس يقول بأفعاله أنا فقط فلا يعرف ولا يقتنع ولا يعمل بأمر الشوري ولا يؤمن بأهمية العمل الجماعي والايثار لذلك فإن كنت تستطيع الابتعاد عنه تماماً فافعل وان كان زوج أو زميل في العمل فاحرص كل الحرص في التعامل علي عدم إبداء أي معلومات شخصية إضافية عن حياتك والرد عليه بجفاء ولا مبالاة فهو شخصية لا يعترف بخطأه ولا يؤمن أصلا أنه يخطئ .
ويري علماء النفس أن هذه النرجسي ليس له علاج لذلك ينصحون الشخص الذي يتعامل معه عن قرب أن يتعامل معه بالتجاهل وتدوين وتسجيل الاعيبه المستمرة مع ضرورة الصبر والعمل علي تطوير الذات ومصاحبة النماذج الإيجابية حتي يتعامل مع النرجسي بأسلوب النرجسي نفسه إصطناعا وهو ما لا يقبله النرجسي ولكن علي الضحية أن تصمد إن كان النرجسي زوجا إن حاول الاعتداء اللفظي والجسدي وإذا تمادي في ذلك فاثبتي ما يفعله تجاه أهله وأهلك بذكاء شديد لأنه كما قولنا يبرع في تصوير نفسه ضحية .
وعند مراجعة شخصية النرجسي نجد أن صفاته متشابهة كثيراً بصفات المنافقين عافانا الله وإياكم من تلك الصفات
وأختم بقول الله تعالي عن هذه الشخصية المريضة
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة
Discussion about this post