الإنسان مابين الإعداد والصناعة.
بقلم الأديبة داليا السبع.
تجلي عظمة الله سبحانه وتعالى في خلق الحياة وإبداعه الذي يعجز العقل البشري مع كل تفصيلة في تفسيره إلا بعد التجارب والتحليل والتدقيق وسنوات عدة من البحث العلمي ودراسات متأنية في كل كبيرة وصغيرة ومعنى ودليل، خلق الله من يعمر الأرض ويكتشف أسرارها لضمان إستمراريته على الأرض لأجل مسمى يعلمه الخالق عز وجل، ونحن من منطلق الوعي والمعرفة وإدراك الحلال والحرام ومفهوم الجنة والنار نعي جيداً مقدار المسؤولية التي تحملها “الإنسان” على عاتقه منذ خلق الله سبحانه وتعالى ل “أدم” عليه السلام و “حواء ” ومن ثم إستمرار نسلهما على الأرض لأعمارها وتكوين البشرية وأجناسها المختلفة .
إن من أقدس العلاقات التي عرفتها البشرية كافة علاقة الأم وطفلها ميلاد كائن جديد واحضاره إلى هذا العالم، مع كل خلق
جديد تكون بمثابة بداية جديدة للبشرية زرع أمل جديد في المطلق وانبثاق أحلام وطموحات غير مسقوفه في غد افضل.
مع التطورات الحادثة داخل المجتمعات بمختلف مستوياتها وثقافاتها أصبحت هذه العلاقة القدسية مجرد علاقة ديناميكية
خالصة مجرد ولادة فرد وزيادة معروفة في التعداد السكاني وعبء إقتصادي للأسرة والمجتمع والوطن بشكل عام.
بعيداً عن النظرة الماركسية للحياة، الأمومة فقدت ذلك المعنى الذي عهدناه لم يعد ذلك المعنى الجميل الذي تفخر به النساء أصبحت تتوارى وتخفي حقيقة كونها “فقط أم ”
استطاعت التغيرات الحادثة في مجتمعاتنا من عولمة وتطلعات فكرية وتأثرات مكتسبة من سرقة المفاهيم الفطرية كذلك المشاعر وتحويلها على الأغلب لشيء ثانوي أو قولبتها وتجميدها، أصبحت الأمومة كابوس والأبوة مشنقة نتاج الأحوال الإقتصادية والأعباء الحياتية التي يستسلم لها العديد من الأفراد داخل المجتمع الواحد بإرادته أو على غير إرادته الإنتاج هو الذي يشغل الحيز الأكبر من التفكير والذي يستحوذ على الوقت الأكبر من الحياة اليومية وأصبح الاهتمام بالعلاقات الإنسانية شيء يأتي في مراحل أخرى من أولويات الأفراد .
من أكثر ما يثير الأسف أن تركيز المجتمعات منصب على كيفية تأهيل الأفراد لسوق العمل ولا تهتم ذلك الاهتمام المطلوب بإعداده لقيادة وتربية أسرة سليمة فاعلة، تُرى ما النتائج التي قد نحصل عليها جراء هذا المسلك المجتمعي؟ نحصل على مجتمع تعيس نفسياً حتى وإن كان منتجاً مادياً، إن من أهم العملات الحياتية هو العقل البشري لذا كان من الضروري أهمية تأهيل هذا العقل جيداً لتكون تلك الصنعة التي لن تخذلك أبدا ودرع الأمان للمجتمعات كافة.
تعد السنوات الأولى من حياة الطفل بوجه عام أهم سنوات تشكيل شخصيته سنوات لا تستطيع تذكرها جيداً وبنفس الوقت لا تتمكن من نسيانها أبداً.
قد لا يعد مشكلة كبرى تغيب كل من الأم والأب عن أبنائهم بقدر وجودهم لجوارهم سوف تطرح علي هذا السؤال الذي أراه يجول في ذهنك الآن وهو كيف يكون غياب كل من الأم والأب لا يعد مشكلة ؟ وسأوفر عليك السؤال وأكمل لك قد يكون وجود بعض الأباء بالقرب من أبناءهم مخيب لأمالهم وغير فاعل بالنسبة لهم بل وقد يصابون بالإكتئاب لوجودهم محاطين بأمهات مكتئبة نفسياً كذلك وجود عدد من الأباء في عزلة وعدم انخراط مع أطفالهم كل هذا يخلق أمراضاً مجتمعية سلوكية عدوانية تبدأ من مراحل سنية صغيرة تتطور مع الشخص حتى مراحل عمرية متقدمة، إن وجود الطفل مع والديه جنة الأمان في معناه المطلق ولكن كيف و أحد الأبوين هو الجحيم بذاته ومصادر الخوف بأشكالها ماهى الجنة إذا؟!
لو أنا جميعاً امتلكنا فكرة أن عملية الإنجاب ليست فقط لحفظ الجنس البشري فحسب، وإنما هو ملء الفراغ بأشخاص أفضل لا نطلب منك اختراع أجهزة أكثر أو اكتشافات لمفاهيم عبقرية بقدر أن تنشىء طفلاً صالحاً، واعلم بأنك وحدك من سيحدد هل سيكون
بيتهوفن أو أينشتاين، مجدي يعقوب ،عمر خيرت أو سيكون هتلر.
داليا السبع
Discussion about this post