بين المطرقة والسندان
ناديا يوسف تكتب عن قيود المرأة
تُشّكل قضايا المرأة في العالم محوراً استراتيجياً وهدفاً وموضوعاً غني الجوانب والذي يتحدث عنه الجميع وفِي كل المنابر سواء الإعلامية أو المجتمعية أو الفنية أو العلمية وحتى السياسية وهو مُتعدّد الأوجه وتختلف الطرق والسبل في التطرق إليه حسب الميول والأهواء
فمنهم من ينظر إليها من الجانب الإنساني ومنهم من يتناول الموضوع على أنه ورقة رابحة في يده
فما هي التحديات التي تواجه المرأة بشكل عام لتثبت وجودها وكيانها و من صنع من ما تتعرض له ؟!؟
لنبداً بتحليل الموضوع تعاني النساء عامة والمرأة العربية والإسلامية خاصة من الظلم والقهر الاجتماعي لأسباب كثيرة وعديدة ومهما كانت المكانة التي وصلت إليها تبقى عرضة للظلم
ورغم التمرد على الواقع وحركات التحرر الإنساني التي ناهضت العنف ضد النساء وما يتعرضن له من إيذاء نفسي قبل إن يكون جسدي فأن الحال بقي على ما هو عليه وخاصة في المجتمعات التي يتحكم فيها الفقر والبطالة والجوع في مصير البشر وفِي سبيل ذلك استغلوا كل شيء حتى العلم والتكنولوجية ولعل أخطر هذه الأمور ما يرتبط بالموروث الاجتماعي الخاطىء أن الصبي أفضل من البنت وعندما لايأتي هذا الصبي تبدأ المشاكل بين قناعة الزوجين وبين رغبة الأهل بزواج الأبن مرة ثانية حتى يأتي الصبي وننتقل إلى نقطة هامة هو النظرة التي مازالت تكتنف ذهن الطرفين وليس الرجل فقط أنه يحق للرجل كل شيء ويحرم على الأنثى وخاصة في أمور الحب والإنجاب ومازالت مجتمعات النساء تعاني من التعصب بداية من تأديب البنت وتقييد حريتها وحتى ذبحها بحجة الشرف هذا عن ناهيك استباحة كينونة الصغيرة عبر الختان
كثير من الأمور مازلت محظورة على المرأة وبحجج وواهية مثل التركيبة الجسدية والنساء لا يفلحون بالجوانب العلمية أو المالية وأول شيء يتم تدريب البنت في بيت والدها هو الأعمال المنزلية هذا يناسب البنت وذلك للصبي وتحديد اللون الزهري لها واللون الأزرق للصبي و حتى الألعاب يتم تمييزها هذا للبنت وهذا لا هذه الأمور الصغيرة البعض يعتبر من التفاهة التحدث بها وكيف هذه الأمور ستؤثر في التربية
في الوهلة الأولى نستغرب الموضوع ونقول في نفسنا هذه مبالغة نحن لا نعي أنه في تلك اللحظة نقوم بعملية الفصل بينهما وعلى أسس غير صحيحة هي مجرد أفعال تواتر العمل بها حتى أصبحت من العادات والتقاليد يمشي عليها المجتمع
فكيف سنحاور الطرف الاخر في هذا الجانب وهم مازالوا يقولون عن النساء بأنهن ناقصات عقل ودين كيف لمجتمع ينظر بهذه العين يمكن أن يتطور ويتقدم
اذا أردنا البحث عن السبب في ذلك فهي الرواسب الاجتماعية المتكررة عززت هذه النقطة المظلمة والتربية الخاطئة والسلوكيات الانسانية والفهم الخاطىء للتعاليم والمعتقدات الدينية سواء منها السماوية أو غير السماوية ولست في مجال الخوض هنا في هذه الشرائع أو الأديان لأنه وللأسف بات الإنسان يقراً شيء وينفذ ما هو مغاير له
كل يوم نسمع عن استباحة النساء وذبحهن كالخراف أمثال آيات الرفاعي ونيرة أشرف ولبنى منصور و شيماء جمال والطفلة المصرية التي قتلتها والدتها و جنى استنبولي …..ولن يتوقف مسلسل القتل للنساء
وفي عودة سريعة للتاريخ نجد أننا نعيش في مجتمع ذكوري ينظر إلى نفسه بأنه هو السيد والأقوى بفعل التركيبة البنيوية لجسده فبات يضع القوانين والتعاليم وفق منظوره الخاص وبما يتماشى مع مصالحه وعلى مختلف العصور والأزمنة سواء الحجري أم الحياة القبلية والريفية و المدنية لا تتمتع بحقوق بل عليها الطاعة فقط فهي تكون أسيرة في منزل ذويها ومن ثم منزل زوجها وأهله و عند وفاة زوجها تصبح أسيرة لأولادها
ولَم تتحرر النساء من هذه النظرة سوى حديثاً في القرن الماضي حيث كان لا يحق لها ممارسة حقوقها كمواطن في الدولة وبعض الجامعات كانت تحرم دخول النساء في بعض الأقسام كونها تعتبر احتكاراً للرجل مثل الفروع العلمية وبعض المناصب هي حكراً على الرجال دون النساء مع العلم أنه لايوجد نصوص في الشرائع تحدد ذلك وأنما وضعه الانسان بيده
ولنتحدث عن دور المرأة نفسها في جعل نفسها درجة ثانية و عدو نفسها بالدرجة الأولى من خلال تبني مواقف الرجل والتربية التي نشأت عليها و تربية أولادها عليها ومن المخزي أن تنظر المرأة لنفسها على أنها مجرد مجرد رقم في العائلة وليست عضو فعال
والمرأة ذاتها تحارب غيرها من النساء وخاصة في ترويج الإشاعة والمعلومات الكاذبة وكم من النساء يرفضن أن يكون رئيسهم المباشر إمرأة بل تعدى الأمر ذلك رفض البعض منهن التعامل مع طبيبة في الحالة المرضية بحجة أنها لا تثق بها وبعلمها وهلم جرى …..
تتحرر المرأة عندما تحرر نفسها من الداخل وترفض إن تكون مجرد لوحة فنية تنال إعجاب الرجل وإذا نظرنا إلى ما أنتجته المرأة سواء في المجال العلمي أو الفكري أو الأدبي أو غيره من المجالات سنجد أن منطلقهم واحد وهي الفكرة الأنثوية وهنا لا أنتقص أو أقلل من شأن أصحاب الفكر من النساء و اللواتي أثبتن قدراتهن ووجودهن حتى أن الكثيرات منهن تفوقن على الرجال
ونأتي إلى الجانب الأخير في هذا المجال وهي القوانين بمختلف أنواعها و أشكالها وطرق تعاملها مع هذا الموضوع مازالت بعض القوانين تحرم النساء على النساء منح الجنسية لأولادها وان تمنحهم الحقوق والامتيازات كما أن الأمور التي تتعلق بالحضانة والوصاية مازالت تشكل المشاكل الكبرى التي تتعرض لها النساء وهنا لا أريد الخوض في الأمور الدينية لها روادها مع العلم أنه في هذه الفترة بحاجة لإيجاد حلول جذرية تعالج مثل هذه القضايا لكثرة حدوثها وتعددها في المجتمع وخاصة مع الأزمات والحروب التي اجتاحت العالم وما نتج عنها منها آثار
ومع نظرة المجتمع الخاطئة للتحرر رأوا فيه أن التحرر يكون في اللباس والتشبه بالرجال الموضوع ليس كذلك بل هو أعمق من ذلك بكثير
وللإنصاف لا بد من القول أن كثير من الرجال حقاً أمنوا بأن النساء هم النصف الثاني والأساسي للحياة المشتركة وسعوا وعملوا على ذلك ويجب أن يكمن هذا في تحرير المجتمع وأن يخضن في تلك الموضوعات التي دامت حكراً على الرجال فقط، وأن لا يبقين في ظله ويغلقن الباب على أنفسهن بقيد و سجن هم شريكات في وجوده
Discussion about this post