أعددت شعباً طيب الأعراق)
استهل مقال اليوم عن الأم المصرية بكلمات شاعر النيل حافظ إبراهي
الأم هي الحياة وهي الأرض الطيبة التي تنبت نباتاً طيباً إذا ما تمت رعايتها كما ينبغى وتكريمها بما يليق بها، فقد أمرنا الله بتكريمها فى كافة الأديان السماوية ووصانا عليها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه الشريفة،
فكم كانت المرأة بمصر منذ آلاف السنوات في أوج عظمتها إذ تقلدت أعلي و أرفع المناصب و حصلت علي كافة الحقوق التي ساوتها بالرجال و ربما فضلتها في أحوال كثيرة ، إلي أن صارت ملكة متوجة علي عرش البلاد مثل نفرتيتي و حتشبسوت .
فقد قال الرحالة اليوناني “ماكس ميلر” ليس هناك ثمة شعب قديم أوحديث رفع منزلة المرأة مثلما رفعها سكان وادي الني
فالنقوش تصور النساء يأكلن ويشربن بين الناس ، ويقضين ما يحتاجونه من المهام فى الشوارع دون غير رقيب عليهن ولا سلاح بأيديهن ، ويمارسن الأعمال الصناعية والتجارية بكامل حريتهنط
و هذا ما أدهش الرحالة اليوناني- فقد إعتادوا أن يحرموا نسائهم السليطات من مثل هذه الحرية ، و لذلك أخذوا يسخرون من الأزواج المصريين الذين تتحكم فيهم زوجاتهم. ،
ومع ذلك فقد ضربت القوانين المصرية عرض الحائط بكل هذه التوصيات القدسية والنبوية والإنسانية، لتضع الزوجة والأم المصرية فى موضع المُهان الخاضع لتقلبات هوى الأزواج فضلاً عن تقلبات الزمن فى حد ذاته !
لتجد المرأة المصرية نفسها فى حالٍ لا يرضى أحد إذا ما تغير هوى الزوج وقرر استبدالها بأخرى، أوفقدت أسلحة جاذبيتها وجمالها بفعل تقدم العمر، أو لسبب أو آخر لا ذنب لها به ولا ناقة لها فيه ولا جمل !
فقد ترددت على مسامعي العديد من القصص المخجلة التى تعرضت لها الكثيرات من الزوجات والأمهات والتى ترتكز فى غالبيتها على طرد الأم من مسكنها إن لم تكن حاضنة وهذا ما يحدث بالفعل بعد أن يتجاوز الأولاد سن الحضانة !
هذا فيما يخص الزوجة التى لها أولاد، أما التى لم يقدر لها الله الإنجاب فهى فى حال أسوأ وأسوأ، فقد تتعرض المرأة فى سن كبيرة إلى التشريد الذي ربما يؤدي بأبسط حقوقها فى الحياة من مسكن وملبس ومأكل.
وفى هذه الحالة قد تكون الزوجة التى رزقها الله بأولاد أسعد حالاً من سواها .
فى حين يقف القانون مكتوف الأيدي تجاه تلك الحالات التى لا يرضاها الله ولا يرضاها بشر
وما الذى يمنع أن يتم تشريع قوانين جديدة تضمن للزوجة حياة كريمة بما يرضى الله، حتى فى حالات تقلب الأزواج وجنوحهم إلى بعض النزوات أو حتى قرارات تغيير الحياة برمتها
حتى لا تجد المرأة نفسها خارج الخدمة دون أدنى حقوق تخصها هى فى حد ذاتها كإنسانة غير موقوتة بمدة خدمة قد يعلن الرجل إنهائها فى أى لحظة دون موافقتها وعلى غير رغبتها.
فمنذ اندلاع ثورة يناير، قد تصاعدت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط قوانين الأسرة، التى صدرت فى عهد الرئيس مبارك، خاصة تلك التى تتعلق بولاية الأب على الطفل، وقانون الرؤية، وإصدار قانون جديد يضمن استقرار الأسرة المصرية، والحقوق الإنسانية للأطفال داخل الأسرة المصرية، خاصة عند انفصال الأبوين، طبقا للشريعة الإسلامية.
هذا و قد حدثت بالفعل عامى 2011 و2012 مظاهرات عند أبواب مشيخة الأزهر كانت تهتف بوجوب إعادة النظر في مسألة الحضانة،
و أخيراً قد انتهت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف من مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي أعده الأزهر الشريف، وذلك فى جلسة ترأسها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف والذى انتهى إلى 140 مادة،
حيث ضم القانون مواد تضمنت حقوق المرأة فى النفقة والحضانة والمتعة والطلاق والزواج والشبكة والمهر، وغيرها من القضايا التى تخص المرأة والطفل.
وما دعانى أعزائي للتحدث بهذا الموضوع الشائك ، أحدث قصة سمعت بها من إحدى صديقاتي التى لم أكن يوماً أتوقع أن تدور عليها دائرة هوى الزوج الذى قد فقد عقله بين ليلة وضحاها !
فقد كانت تلك المرأة نموذجاً للأم الصالحة والزوجة المتفانية في خدمة زوجها والتي وهبت حياتها بأكملها لبيتها وتركت عملها وأضاعت مرحلة شبابها غير مبالية به فى مقابل إسعاد هذا الزوج وهؤلاء الأولاد الذين يعدون نموذجاً صالحاً يشهد لهذه السيدة بحسن الأداء وإحسان التربية !
لن أطيل على حضراتكم:
فإذ فجأةً قرر الزوج المحترم تغيير حياته كلياً، فأمر هذه الضحية بترك منزلها الذى أسست كل ركن فيه بجزء من صحتها وحدد لها مدة أسبوع بحد أقصى لترك المكان حتى يتزوج فيه من أخرى !!
وعندما جن جنونها وانهارت قواها وتوسلت اليه أن يتركها مع أولادها ويتزوج في مكان آخر لا يحمل كل ذكريات حياتهم، رفض وبشدة !
وعندما حاولت أن تعرف ما هو الذنب الذي اقترفته وما هو نوع التقصير الذى أودى بحياتها واستقرارها، كانت الإجابة نموذجاً للقسوة والجبروت وكان الرد أنه قد شعر بملل من الحياة النمطية ويرغب فى قلب نظام حياته رأساً على عقب !!!
هذا النموذج المخزى هو أحد أسباب القوانين التى تحط من شأن المرأة وتجعل منها جارية أو خادمة دون أجر يعينها على الحياة إذا ما قرر الفرعون المصرى إقصائها واستبدالها بأخرى حسب هواه الشخصي!
ما تعانى منه الأم المصرية من تهميش وضياع للحق وهناك الكثير من الأمثلة التى نسمعها ونراها من حولنا، فالأساس المساواة فى الحقوق وكذلك الواجبات، وهذا ما يضمن ألا يجور طرف على آخر بموجب صلاحياته التى منحها له القانون ليظلم بها الآخر متجاهلاً ضميره الإنسانى إن وُجد وضارباً بكلمات الله ونبيه عرض الحائط !
نهاية:
إن أردتم أجيالاً طيبة متسقة نفسياً وبدنياً وتعليمياً، فاحرصوا على تهيئة المناخ الصحي الذي تنشأ به هذه الأجيال، وهذا المناخ لا يتأتى إلا بصلاح التربية، وصلاح التربية لن يتحقق إلا بوجود الأم الصالحة المستقرة المكرمة غير المهانة.
فيا أولى الأمر انتبهوا جيداً لهذا الخطر الذى قد يؤدى بمستقبل أجيال يتم تشريدها نفسياً على إثر تقلبات الهوى، فلا تجد الأم قانوناً يحميها تتحمل فوق طاقتها ولا يستند استقرار حياتها وأولادها إلا على رحمة من الله.
نهاية :
فالأم هي نواة الأسرة ، و الأسرة هي نواة المجتمع ،
التي إن صلحت واستقامت ، صلح المجتمع و استقام .
Discussion about this post