سوق عكاظ
بقلم الكاتبة … شروق لطيف
وكعادتى عندما أشتاق أذهب لواحة الشعر الغنّاء
أما هذه المرة فقررت الذهاب الى سوق عكاظ محفل الشعراء
كى أشتم رحيق ورد الكلمات ذات الشذى الفيحاء
أو أقطف ثمرة من البلاغة يانعة تشعرنى بالإرتواء
فأسمع صوت بلبل شادن على اغصان قصيدة فأشعر بإنتشاء
وعندما دخلت بدأت أسمع الأصمعيات فطربت نفسي من الغناء
أما جمال اللزوميات بدأ ينتشر كشذى طيب فى الهواء
وإذ فجأة لمحت اجتماعا نادرا يضم النخبة للمبارزة بين الأدباء
فوجدت الملك الضليل يتوسطهم كواسطة العقد تلمع فى بهاء
وحوله جرير والفرذدق والمتنبى وأبو العلاء
والإمام الشافعى والثعالبى ونخبة كبيرة من كبار الفقهاء
فإختبئت سريعا وراء شجرة وقلبى يخفق فرحا بها اللقاء
فيا سعدى سأسمع صوت صليل سيوف الكلمات بين النجباء
لكن يبدو أن واحدا منهم رمقنى فقال أتتنصتين علينا فى الخفاء؟؟؟
من انتِ ومن أى قبيلة تنتمين وهل تتجسسين لنقل أخبارنا للأعداء
قولى سريعا فنحن جميعا قد بدأنا نشعر بعظيم الإستياء
بدلا من أن نوسعك من الكلمات أقساها فى قصيدة هجاء
فشعرت بإرتباك شديد لكننى استجمعت شجاعتى حتى لا أكون من الجبناء
وقلت ماكان قصدى التنصت إنما تواريت خجلا منكم أيها الكبراء
فما أنا إلا شاعرة صغيرة تحبو فى إثر خطواتكم أيها الأجلاء
لكنى احتجبت عنكم حين تملكنى شديد الحياء
إذ كيف اتوسط مجلسكم فكفى لى الإستماع من بعيد جميل الإصغاء
لكننى أقرض الشعر وأحب لغة الضاد وهى لى كل المنى والإبتغاء
وأنا مبهورة بكم وأقرأ الدواوين التى يضوى عليها نور كبار الأسماء
وقد جئتكم من عصر بعيد كبعد الأرض عن السماء
وإسمى شروق والله أعلم بصدق ما أقوله أيها العظماء
قالوا :
إذن فلنستمع منكِ بعض القريض كى تثبتين لنا صحة الإدعاء
والحكم يكون بعد الإستماع ودعى لنا مهمة القضاء
فقلت :
أهوى القريض منذ الطفولة فهو واحتى وهو لى الدرع واللواء
أنسانى فى حبه صحبتى مؤنسي فى وحدتى ولذتى فى الإنشاء
يسحرنى عذب البيان فهو كالماء السلسبيل وللعقل غذاء
أترنم تارة بالكلمات وكأنهن المؤنسات فى الليالى الظلماء
ولو شعرت بسقم فى قلبى فلا أجد إلا فى واحته لقلبى الدواء
وإن شربت من زلال ينابيعه أرجع عطشى وأريد المزيد من الإرتواء
فتظل روحى هائمة فلا أعد أدرى هل أمشى على الأرض أم أطير فى الهواء
وأنتم حكماء هذا الهوى العجيب ألا وصفة منكم أيها الأطباء ؟؟؟
قالوا :
والله أجدتِ يا ابنة والصدق بين حروفك يظهر بجلاء
بالفعل الحق بينٌ والشاعر الحقيقى منهاجه الصدق والصفاء
ونحن حقا نجدك تلميذة مُجدة لكن تريثى فكل شيئ بقضاء
وسنعطيكِ نصائحنا مغبوط هو من يتعلم من نصائح الأقدماء
الشعر يا إبنة واحة فيها من الخير فيضا وإمتلاء
سحر البلاغة وسر البراعة لا يبلغه إلا أصحاب العقول من الأجلاء
كثيرون حاولوا لكن تكبروا فرجعوا أدراج الهواء
وسر نجاحك سيكون فى إتضاعك حتى تصلين للأنجم العلياء
ومهما تعلمتى ستشعرين بجهل لأن العلم ليس له انتهاء
هذه هى الحياة من وضع نفسه ارتفع ومن تكبر تقهقر إلى الوراء
فاجتهدى وثابرى وابذلى ما استطعتى من عناء
كل ماتشعرين به وكل نبضة صادقة لقلبك دونيها بإعتناء
فالشعر إحساس لا يكتب باليد إنما يفوح عطرا من القلب والأحشاء
أما الملك الضليل فأردف قائلا :
إن بستان الشعر ورقه نضير معنبر الرياض مصندل الماء
بركة كأنها مجلوة على ديباجة خضراء
مشكاة نور تضوى لا يرى سناها العامة من السوقة والدهماء
فلتشرقى بنور شمس المعارف التى ليس لها أفول ولا انقضاء
فلا يضئ العقل إلا المنطق والبلاغة فكونى من الفهماء
فهنيئا لكِ لم تختارى الزينة الخارجية مثل باقى جنسك من النساء
إنما وجدتِ السحر والجمال يكمن فى عقلك درة العقد تسمو بإزدهاء
فكل من حاز مالا زال كزهر العشب مآله إلى الفناء
وإن بلغتِ كمالا فلا كمال إلا بنور الفنون الزهراء
وإن إبتغت إمرأة جمالا ولو تجملت بكل الجواهر ذات السناء
لكن ما فائدة التزين والصدأ يعلو جدران العقل بكل خواء
وإن تميزنا نحن الرجال فى الشعر لكنه وضع المشاعر المرهفة للنساء
فبإحساسك تفيضين عل الكلمات عذوبة حتى وإن كانت صماء
أما الآن:
فأهلا بكِ فى محضرنا وها قد سجلنا اسمك فى محفل الشعراء
فكونى جديرة بالثقة واجتهدى كى يلمع اسمك بكل ضياء
واشرقى يا شروق شمس الشعر والى قريب اللقاء
Discussion about this post