قراءة سريعة في نص كأس العذارى للكاتبة زينة جرادي
للأديب أيمن دراوشة
على الرغم من مناوشة الشاعرة البنيان النحوي التقليدي في قواعده الراسخة إلا أنها استفادت من روح القوانين الأساسية للنحو العربي في التشكيل الفني لتجربتها ، فكانت على سبيل المثال للحركات اللغوية الأربعة السكون والفتحة والضمة والكسرة مشاركة واضحة في صلب العملية التشكيلية فكانت حركة السكون هي الأغلب ولحركة السكون في نهاية الشطر الشعري فلسفة شمولية يجعل منها أصل كل الحركات وعودة إلى الذاكرة البعيدة… كما أن حروف المد في النص تعطينا شعورا في التأمل العميق والتأسي والتوافق مع هذا الشعور باستمرار الحروف الممدودة في أكثر من عشرين كلمة .. إنها طول الزمن والإحساس بامتداده ….
كأسُ العذارى
أتعلمُ أني غُرِستُ زهرةً في بُستانِ نَيْسان
تفتحتْ حبًّا تجعَّدَ على قارعةِ خيانة
تشربني كأسًا يسيلُ من الأحداق
تقطَّرَ من عناقيدِ دم
لثمَ شفاهي فجرَّدني من ظلي
وعرّاني بكلامِ إِغواء
حصدَ من حُضني شهْوة
عصرَ لكَ مِزَقَ الهوى في كل ليلٍ داجٍ ونهارٍ ساجٍ
كما ينْسَلُّ الفجرُ من ظُلمةِ ليلٍ كالحْ
عَبَرْتَ إلى نفسي من ثقوبِ الحياة
لا إكراهَ في الحب…
هل تعرِفُ الفرقَ بيننا
أنتَ أضعْتَ الحبَّ فاعتزلتَ الهوى
أما أنا فضمَمْتُهُ بينَ خافقيَّ
كن ماءً يأخذُ شكلَ ما يحتويه
يأخذُ طعمَ ما يُضافُ إليه
كن نقاءً …صفاءً
كن شفافًا بلونِ سماء
بحراً احتفظَ بالأسرار
وإن سألوكَ يومًا عني قل لهم
رحلتْ إلى البحرِ تبحثُ عن حوتٍ ابتلعها ذاتَ مرَّة
ثم عادَ وأطلقَ سراحها
تكلم …
تعلمْ لغةَ الشجر
لغةَ فجرٍ بعدَ ظلامِ ليلٍ انتشر
لغةَ الحروفِ الوارفة
لغةَ أشابينِ الجان…
لا تغتربْ كمرفأٍ هاجرَ عن شاطئِه
كسنواتٍ سَجَنَها الأبيض
تلمعُ حروفُكَ برْقًا عندما عني يتهامسون
ولربما غيثًا يسَّاقطون
فالعمرُ لا نعيشُهُ مرتين
اختر من العذارى من تشربُها بِلا كأس
كنغمٍ أَبكمَ بداخِلِك
كدندنةِ ريحٍ في جَوْفِ قصب
بقلم الشاعرة زينة جرادي
Discussion about this post