الليل الأزرق .. الشاعرة وهيبة قوية
الشاعرة وهيبة قوية
ليل الأرق، خادم التّعب الأمين، لاحقني مثل كلّ مرّة وأغرقني في بركة من الأفكار العميقة ورفعني على جبل شاهق من التعب ودقّ رأسي بمطارق عملاقة غيّرت شكله وشكل الأفكار داخله، ولونها أيضا. إذ كانت ليلة قلّ فيها نومي وكثرت فيها وصايا الليل ونصائحه وأكداس حديثه الذي لا ينتهي والذي يجعلني أفتح سمعي لصوته وأنا أرشق عينيّ في ظلامه الثقيل. وحين ذبل وتحلّل سواده في نور الفجر، غافلته ونمت لوقت قصير بنصف وعيي ونصف سمعي ونصف إحساسي بما حولي وأفقت مرهقة وقد فقد رأسي شكله وصار خزانة برفوف، بلا عدد، تحتلّها الفوضى. ففي بعض الرّفوف أكوام من الأفكار الّتي تتطلّب إتمامها وقد أضرّت الرّطوبة بأكثرها فتآكلت وصارت مشوّهة الشّكل. وفي رفوف أخرى أخذت الأفكار شكل طيّات حتّى التصقت
ببعضها البعض فخمدت حركتها وضاقت. وفي زاوية من رفّ تراكم الغبار عليه أفكار مجعّدة تحتاج إلى مكواة تعيدها إلى هيئتها الأولى، ومن بينها بعض الأفكار الممزّقة والمهترئة. وفي رفوف النّسيان أفكار باهتة وأخرى تلاشت أو كادت، وبعضها يحاول أن يفرّ في شغب وصخب إلى رفّ آخر يعتني بما فيه. وعلى الرّفوف الّتي لا يصل إليها وعيي تتدلّى أفكار غريبة أخذت تنتشر في كلّ مكان وتثيرني وتفقدني التّركيز. وفي رفّ الأرق أفكار مبلّلة يكاد البلل يطمس معالمها ففكّرت في استعمال حبل أنشرها عليه كالصّور الورقيّة القديمة الّتي يتمّ تحميضها في الغرفة المظلة لأنقذ ما تبقّى منها. وفي رفّ الحمّى أفكار جفّت كأوراق ذابلة بعثرتها عواصف الوقت وسذاجة التّعامل معها. وفي رفوف الذّكرى أفكار تذرف الدّمع باكية تنتظر يدا تلاطفها وتسعدها… ومنعني التّعب من فتح رفوف الحيوانات خوفا من استيقاظ النّمل والفيل والدّيك والعصفور الجريح في حضرة التنّين وناره فنحترق جميعنا…
#وهيبة_قويّة
مقطع من #أنا_بخير
*الصورة: قطّة على ضفة شطّ العرب في ملتقى النهرين بالقرنة/ البصرة_ العراق.
لا تسألوا لماذا صوّرت القطّة بل لماذا جاءت القطّة إليّ واختارتني من بين كلّ الشعراء المشاركين في أصبوحة المربد بالقرنة.
لماذا !!! ؟ ببساطة تعرف أنّ دمي وجسدي “جمهوريّة حيوان” وتريد مكانا في فصل #زوفوطوبيا
جميلة القطّة أو… القطّ؟
Discussion about this post