الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطاهر الحامدي
وكتابه
(مطيٌة السالك إلى مالك الممالك
فيوضات ربانية وإشراقات نورانية).
بقلم
أ.د. محمد عبد الجليل حسن
الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطاهر الحامدي
( ت 1331 ه _ 1913 م) وكتابه
مطيٌة السالك إلى مالك الممالك
فيوضات ربانية وإشراقات نورانية.
عميد كلية البنات الأزهرية باسوان سابقا
هذا السفر العظيم والمصدر الصوفيٌ الكبير والمرجع العلميٌ الأصيل الذي إن دل فإنما يدل على عظيم فضل الله تعالى على عبد من عباده الصالحين وجهبذ من جهابذة الدين وعلم من أكابر علماء الإسلام الحنيف المنيف ألا وهو العالم العلامة والبحر الفهامة وحيد دهره وفريد عصره وإمام وقته درة زمانه وجوهرة مكانه وعمدة أقرانه وقبلة قُصاده حسنة الأيام وبركة الشهور والأعوام ٱية الله في عباده وحجته في خلقه الشيخ الأكبر أحمد الطاهر الحامدي رضي الله عنه وأرضاه وأعلى قدره في عليين وأسكنه فراديس الجنان في رفقة جده سيد الأبرار صلى الله عليه وسلم ما دامت الأرض والسموات.
ذلكم العلامة الكبير الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل نشر العلم الصحيح والفهم السليم والفكر المستنير بالمنهج الوسطيٌ الإسلاميٌ الأزهريٌ المؤسس على تقوى من الله وخوف من جنابه وحب كامن في صدره وعشق راسخ في قلبه ينتج منه خير عميم ويثمر من جنباته نفع كبير .
هو صاحب القبرين الروضين الذي كان يرقد بعد وفاته في روضه الطيب بجبانة ارمنت الحيط محافظة الأقصر ستين عاما ثم نقل بأمر منه رضي الله عنه وأرضاه لنجله شيخنا الإمام محمد الطاهر الحامدي رضوان الله عليهما برؤية منامية تكررت مرات ومرات بنقله إلى ضريحه الكائن بجوار ساحته المباركة بأرمنت الحيط أيضا في موكب مهيب حضره الداني والقاصي حتى تم إسكانه رضي الله عنه وأرضاه من جديد في روضه الحالي المُحلٌى بالبركات والمُزيٌن بالنفحات والمُحاط باللٱلئ والعطيات من ربه الحيٌ القيٌوم صاحب القربات الذي اختار له هذا المكان الطيٌب ليكون روضا له حتى تحل البركة في المكان و على اهل الديار وتشع منه مشكاة أنوار في اتجاه يسموا به ومعه كل خير ونفع للقريب والبعيد وما زال كذلك وسيبقى إن شاء الله تعالى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في أمن وأمان وسلامة وإسلام ونور وأنوار وهداية وبيان في عطاء وإحسان هبة من رب الأرباب ورعاية من سيد الأنبياء منحة الصمد الوهاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما دامت الأرض والسموات.
وصدق من قال واصفا نقل الشيخ من روضه إلى روضه سليما معافا لم يلحقه تلف أو تغيير :
جسد تحكٌم حب أحمد فيه
تالله إن الأرض لا تبليه
فكيف يأكله التراب وحبه
في قلبه ومديحه في فيه
والشبخ الطاهر الحامدي وصفه شيخه وأستاذه أبو المعارف الإمام أحمد بن الشرقاوي رضي عنه وأرضاه بقوله: ” منحة الباطن الظاهر وسطوة القادر القاهر الشيخ أحمد الطاهر الحامدي ” ولقٌبه صديقه الوليٌ التقيٌ السيد يوسف الحجاجي ب : بشيخ شيوخنا ” .
و كتاب شيخنا الإمام الحامديٌ هو الكتاب المبارك والموسوم ب : مطية السالك إلى مالك الممالك) فى آداب الطريقة الخلوتية وفضائلها من أعظم كتب التصوف في العصر الحديث بلا منازع.
وقد خصصه مؤلفه بذكر ما ورد في كتب القوم من ٱداب الطريق الخلوتية وفضائلها وكيف يكون التصوف مقبولا مطابقا لتعاليم ديننا الحنيف متوافقا مع معاني القرآن ومفاهيم السنة الغراء بعيدا عن المخالفات والبدع والخرافات التي يفعلها البعض ممن لا يعرف المقبول من المرود .
ومما يؤثر عن الشيخ الطاهر أنه عزف عن المناصب بجميع أشكالها وأسمائها ومن أبرزها منصب: ” القضاء ” الذي دعي إليه فرفضه واعتذر عنه لأنه سيشغله عن العلم ونشره بين الأمة إضافة إلى ورعه وزهده وخوفه من الله تعالى مع أنه أهل لمثل هذه المناصب التي تحلو بمثله وتتزين وتسعد هي به قبل أن يسعد هو بها ولما اعتذر عن القضاء انشد قائلا:
دُعيت إلى القضاء ولست أهلا
ولا ممن يليق إلى القضاء
ولكن إن يكن هذا قضاء
عليٌ فلا محيص من القضاء
والحقيقة: أنك اذا قرأت في مطية السالك تجد أن كل كلمة سطرها الإمام الطاهر الحامدي في كل فصل من فصول الكتاب لتعد أنموذجا يقتدى و نبراسا يهتدى به كل طالب علم بل وكل عالم بما يعود عليه بكل خير ونفع في دينه ودنياه وأخراه وذلك لأن الإمام الحامدي بما توفر لديه من فكر مستنير وثقافة صوفية أصيلة وخبرة علمية عالية جعل هدفه من كتابه هذا هو الإرشاد الصحيح والكشف عن مواطن الأسرار ومواقع الأخيار بأبلغ الأنباء وأعظم الأخبار مع التحقيق والتدقيق في نصوص نقلها وعبارات سطرها أخذا عن شيوخه وأساتذته ممن رأى فيهم أنوارا ساطعة وشموسا بيضاء ناصعة وأقمارا لامعة كانت له بمثابة الطرق الموصلة إلى تحقيق الهدف وبيان المقصود بما يفي بالغرض ويحقق الوعد الموعود .
قال- رضى الله عنه – فى مقدمة الطبعة الأولى: ” أما بعد فيقول العبد الذليل كسير الخاطر أحمد الحامدىٌ الشهير بالطاهر وغفر الله ذنوبه وستر الله فى الدارين عيوبه قد أمرنى شيخنا الشيخ أحمد بن شرقاوى نفعنا الله بطول مَدَدِه ومتعنا بطول مُدده أن أجمع لإخوانى رسالة فى الطريق على غاية التحرير والتحقيق أبين لهم فضيلتها وأشرح لهم حقيقتها وأذكر لهم أركانها وآدابها وأفتح لهم بمفتاح الإيضاح أبوابها ” أهـ .
و قال عنه الزركلي في كتابه : الأعلام: ” أحمد الطاهر الحامدي المالكي: متصوف من أهل الحامدية (بصعيد مصر) له (الكشف الرباني – ط) شرح لمنظومة (المورد الرحماني) لشيخه أحمد بن شرقاوي، و (مطية السالك الى مالك الممالك – ط) بهامش الأول، في آداب الطريق “أ.ه .
وحق لكل محب صادق وسالك عاشق أن يقرأ هذا الكتاب بتمعن وعلى مهل ليرى ما فيه من عظيم الأنوار ويقف على ما فيه من كبير الأسرار و باهر الفيوضات وعوالي المكرمات.
فرضي الله عن شيخنا الإمام العالم العلامة الهمام الشيخ أحمد الطاهر الحامدي وسلام عليه ورضوان في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر يعطي الجزيل ويمن بالخير العميم والفضل الكبير وأمدنا بمديد مدده وكبير أنواره وسلكنا في سلكه وجعلنا على منهجه حتى نلقاه على حوض نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وأعلام القوم العظام.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ٱله وصحبه وسلم.
Discussion about this post