حَتّامَ تأخُــــذُكَ النَّوَافِذُ تِيها
أرِقَتْ نُجُــــومُكَ بالّذي يُضْنيها
الآنَ يَصحَـــبُكَ الرّحِيلُ بلا خُطًى
وشُـــجُونُ قَلبِكَ واهِمًا تُخْفيها
مِنْ جَولَةٍ أخْـــرىٰ تَعُودُ لِمِثلِها
وحَقائِبُ الذّكرىٰ تَجُــــرُّ ذَويها
ضـــاعَتْ مَلامِحُكَ البَريئَةُ غُربةً
وَرَبِيعُكَ الأبهى اسْتَحالَ شَـــبيها
أينَ اخضِرارُ العُمرِ؟ أينَ فَقَدتَهُ؟
ما زِلتَ في عَينِ الخَــــيالِ وجيها
مَكَرَتْ بكَ الدُّنيا وأنْتَ تَخُـــصُّها
بالمُكرَماتِ، فَكَيفَ تَسْتَــــجديها ؟
أمّا أنا فَكَمَا تَرَكْــتَ لِدربِهِ
نفسٌ تَتُوقُ ولَيلُها يُقصـــيها
ما زالَ في كَفِّي بَقِـــيَّةُ مَوْثِقٍ
وبَقِــــيَّةً لِلصَّبرِ أسْتَرضِيها
ولَكَمْ رَسَمتُ سِماتِ حُـــلْمٍ غائِبٍ
مَــــــعَ أَنَّني لا أُتْقِنُ التَّشْبيها
أنا رِحلَةٌ أُخرىٰ، خــــيالُ مُسافِرٍ
ومَراكِبي إنْ شِئْتُ أسْــــتَدعيها
ويَحُفُّني أَمَــــــلٌ وقَد أكبَرتُهُ
لولا اتِّساعُ الأُفْقِ صارَ سَــــفيها
أخفَيتُ نَبضًا في عَــــباءَةِ شاعرٍ
وصَــــفاءُ نَفسٍ بالرَّضىٰ أُغنيها
أنا كُلُّ ضِدٍّ يُخْتَفي في ضِدِّهِ
شَمسٌ تَلوحُ وغَـــيمَةٌ تَطويها
رُغــمَ ارتِجافِ الرُّوح ،نارُ تصطلي
بينَ الضُّـــلوعِ وشَوقُها يُزكيها
بيتي على الجَــوزاءِ، يَسكُنُ داخِلي
ولَهُ دُروبٌ في دَمي أمشــــيها
يا أيّها الباكي على أطــــلالهِ
ليسَ البُكاءُ تَحَسُّرًا يُحــــييها
السَّقْفُ يَبكي والزَّوَايا تَشْتَكي
بِأنينِ شَوقٍ صــــارِخٍ مِنْ فِيها
عَتَبِي عَلَيكَ بِأنْ نَسيتَ مَوَدّةً
لَكَ في الفُؤادِ وما أزالُ أعِيها
عُد مِنْ غِـــيابِكَ تارِكًا أسْبابَهُ
وأعِـــــد لِرَوضِيَ غَيمَةً تَسقيها
فَقِطارُنا يَمْضي بِغَـــيرِ مَكابِحٍ
لِمسافةٍ لَسنا بِمُدَّرِكِـــيها
بمَحطَّةِ التّوديعِ يسكُنُ هـادِئًا
لِيَحُطَّ أتراحًا ويَحمِلُ تِيــــها
وعلى الرَّصيفِ مُوَكَلونَ بِأمرِهِ
يَتَنَاوَبونَ الأمـرَ والتَّوجِيها
ومَوَدَّعونَ وعائِدونَ ومَنْ أتىٰ
لِمَآرِبٍ أخـرىٰ ولا يَقْضِيها
ومُغَيَّبونَ وغائِبونَ تَشَتُّتًا
فَلِكُلِّ نَفْسٍ شـــاغِلٌ يُلهِيها
تَتَزَاحمُ الأشياءُ والأَهْــواءُ
والأسماءُ والدّنيا بِمُغْتَرِبيها
وأَنا وأنْتَ المُتْعَبانِ على المَدَىٰ
يَبِستْ خُطانا والنَّوَىٰ يُغْريها
عُـــد يا رَفيقُ فإنًّ ليليَ جائِرٌ
ونَعِيمُ روحِيَ مِنْ وجـــــودِكَ فيها
كلمات الشاعر
مصطفى حامد






































