صحيفه الرواد نيوز
هل أجرم عقبة بن نافع بحق الأمازيغ؟
قراءة تاريخية خارج الخطاب الأيديولوجي
من يطالع تاريخ شمال إفريقيا في العصر البيزنطي، يدرك أن عقبة بن نافع وأبا المهاجر دينار وحسان بن النعمان كانوا – بمعايير ذلك العصر – أقل القادة العسكريين عنفًا، مقارنةً بما مارسه البيزنطيون وحلفاؤهم المحليون من سياسات إبادة وتجويع وقمع ديني منظم.
🔹أولًا: السياق البيزنطي
غضّت الممالك البربرية المسيحية الطرف طويلًا عن:
🔸مجازر البيزنطيين ضد السكان الأمازيغ
🔸وسياسات التطويق الاقتصادي والعسكري
ومن أبرز الأمثلة:
🔸حملات القائد البيزنطي سولومون (Solomon) لقمع ثورة الملك يبداس في الأوراس
🔸إنشاء خط الليمس (سلسلة القلاع والحصون) الذي حاصر منطقة الأوراس حصارًا خانقًا، وأدى إلى تجويع ومذابح هدفها الأساسي إخضاع السكان اقتصاديًا وإجبارهم على دفع الضرائب
🔹ثانيًا: العنف الديني المشرعن
سبق ذلك، ثم تلاه، عنف ديني واسع النطاق:
🔸حيث منح أوغسطينوس غطاءً لاضطهاد المخالفين دينيًا تحت مبدأ
Cogite intrare (ألزموهم بالدخول – لوقا 14:23)
ثم تُوِّجت هذه السياسات في عهد جستنيان وقادته (بليزاريوس، سولومون) بمذابح ضخمة شملت شمال إفريقيا
بعض المصادر تبالغ بتقدير القتلى بالملايين، والرقم غير دقيق، لكنه يدل على حجم هائل من العنف المنهجي
🔹ثالثًا: أين كان “التحرر الأمازيغي”؟
المفارقة أن:
🔸مملكة ألتافا الرومانو-بربرية قاومت عقبة وفاءً لتحالفها مع بيزنطة
لكنها لم تتحرك سابقًا لحماية الأمازيغ من بطش البيزنطيين
حتى عندما ذُبحوا لأسباب دينية وسياسية، رغم تمتع هذه المملكة باستقلال محدود
🔹رابعًا: عقبة بن نافع – الوقائع لا الشعارات
لا يوجد أي دليل تاريخي موثوق على أن عقبة:
🔸ارتكب مجازر ضد سكان مسالمين
🔸أو مارس إبادة دينية
بل الثابت تاريخيًا أنه:
🔸قاتل قوى سياسية وعسكرية متحالفة مع البيزنطيين
🔸وتحالف مع قبائل أمازيغية كبرى، خاصة من زناتة
ما يعني أن الصراع كان صراع نفوذ وممالك، لا “عرب ضد أمازيغ”
ولم يقم عقبة:
🔸بحصار شعب كامل بخط تحصيني كما فعل البيزنطيون
🔸ولا بمذابح دينية ممنهجة
🔸ولا بتدمير شامل للأراضي الأمازيغية
🔹خامسًا: مفارقة الذاكرة الانتقائية
من المفارقات أن:
بعض الخطاب البربري المعاصر يمجّد أوغسطينوس الذي شرعن العنف الديني
بينما يصف عقبة بن نافع بالإجرام رغم غياب الدليل
كما أن:
الكاهنة نفسها مارست سياسة حرق وتدمير واسعة
حتى ضاق بها الأمازيغ، فخرجوا إلى حسان بن النعمان
🔹سادسًا: تفنيد الروايات الشائعة
روايات إذلال عقبة لكسيلة (سلخ الشاة… إلخ) قصص متأخرة ومختلقة
لا وجود لها في أقدم المصادر:
ابن عبد الحكم
الواقدي برواية ابن سعد
وأقدم الروايات تؤكد أن كسيلة:
🔸كان نصرانيًا مواليًا للبيزنطيين
🔸لم يُسلم
🔸ولم تربطه علاقة بأبي المهاجر
🔹سابعًا: مسألة السبي
السبي حقيقة اجتماعية تاريخية عامة:
🔸مارسه الرومان ضد الأمازيغ
🔸ومارسه الأمازيغ مع الرومان ضد القرطاجيين
🔸ومارسه الأمازيغ فيما بينهم
🔸ومارسه الوندال والبيزنطيون ➡️ وليس ظاهرة مرتبطة بالفتح الإسلامي وحده






































