االجزائر: ب. مصطفى
قراءة في كتاب .
القوة الفاعلة ، الزوايا والمجتمع
لعبد القادر باسين
لا شك أن مقومات واسس الدولة الحديثة بمؤسساتها الرسمية أمر معروف لعامة الناس وخاصتها ، وان القوى الفاعلة في دينامكيتها بارزة في حضورها وتاثيرها ، من احزاب ومنظمات اهلية كما تظل بعض التجمعات او المنظمات والتكتلات ذات الطابع الشعبي بامتدادها التراثي أو خصوصيتها العقائدية تلعب دورا فاعلا وذات وزن لا يستهان به في الحياة الاجتماعية والسياسبة ، وتبرز الزوايا في الجزائر كرقم فاعل وحضور قوي على عدة مستوايات مرتبطة بسيرورة الحياة الاجتماعية او الاستحقافات السياسة والانتخابية ، كما تشكل ثقلا لا يستهان به في تشكيل الرأي ، وتوجيه الخطاب العام وتحقيق التوازنات ، لم لها من نفوذ في النسيج الاجتماعي اكتسبته من قرون كثيرة ، حيث كانت ومازالت في بعض المناطق رئة المجتمع الذي يتنفس بها عقيدته ، وعينه الساهرة المحافظة على قيم المجتمع ، وضميره الذي لا يخون ذرة من تراب الوطن .
القوة الفاعلة ، الزوايا والمجتمع كتاب صادر عن دار الحكمة للشيخ عبد القادر باسين ، يفتح لنا نافذة على مكانة الزوايا في الجزائر ، والدور الذي لعبته وتلعبه في الحفاظ على العقيدة ، والتمكين من تعليم القرآن واصول الفقه ، وتنشئة الفرد على اصول التربية الاسلامية الحقة ، في ظل قيم المجتمع ، فالكاتب يقدم لنا ملمحا عن حقيقة الزوايا ودورها ،ولا يدعي أنه قدم بحثا مستفيضا ، فبكل تواضع يرى أن ذلك من اختصاص الباحثين يقول الكاتب عبد القادر باسين:إننا اليوم لن نزاحم الباحثين والمتمرسين في الكتابة بمختلف مستوياتها وأنواعها، ولكن مساهمتنا هي في الأساس دعوة إلى الباحثين والمؤسسات العلمية والهيئات الوطنية المهتمة بالشأن العام أن تنته إلى الأهمية البالغة للكنوز التي تحتويها مؤسسة الزوايا بداية الكنوز العلمية من مخطوطات ودراسة وأبحاث علمية مهمة وما تحتويه من تجارب ونماذج تربوية وتعليمية لها الأثر البالغ في حماية الهوية الوطنية والمنافحة على الذات المحلية، ضد كل المخططات والمشاريع الاستمارية والحملات العسكرية الهمجية، والتي فشلت وتكسرت على صميم مؤسسة الزوايا وما بذله معها أفاضل المؤمنين من الوطنين وسادة البلاد وكرامها من مختلف التيارات والتوجهات الذين جمعهم حب الوطن والإسلام.
إننا هنا لا نقدم عملا أكاديميا ولا بحثا علميا متخصصا، وإنما هي موجبات الظروف وحاجات العصر، وما تستوجبه النصيحة.
فالكاتب هنا يحيلنا إلى موقع الزوايا ودورها في المجتمع ، بينما أن قوتها الكامنة والفاعلة تظهر في مدى تاثيرها وتموقعها في الحياة العامة ، منتهجة سبيل الحكمة والتسامح تنشد السلام الداخلي للفرد في ظل حياة مستطابة امنة بعقيدة راسخة في الوجدان ملخصا منطلقاتها ومخرجاتها في عناصر :
-دين متبع، وقد ارتضى الله لنا الإسلام يدنا وهو الذى قامت على تمسكنا به حقيقة وجودنا، ولن يكون لنا مكان فى الدنيا ولا حظ فى الآخرة، إلا بالإسلام، وهو ما يتطلب القيام على حفظ الدين واستمرار تمسكنا به من خلال تربية الأجيال على عقيدة صافيا ومنهج قويم.
سلطان قاهر، إن قوام الدين والمعايش لا يتحقق إلا بتنط عام يحقق مصالح الناس، ويوفر لهم الأمن والاستقرار وما ينطب الأمر من الظروف والإمكانيات التي تحقق قيام الاجتماع الإنسانم وهو ما يتحقق بسلطة قوية بتلاحمها مع شعبها وتكون قادرة علم دفع المخاطر مهما كانت مستوياتها ودرجاتها.
عدل شامل من خلال تساوي الناس في الحقوق والواحدة وإزالة أساب الحيف ومظاهره، مما يجعل الناس تشعر بالله للوطن وتمنح ثقتها للدولة، والعدل لا يخص حالة من الحالات فئة دون أخرى، وإنما يشمل جوانب الحياة كلها.
– أمن عام عبر مواجهة كل ما يكدر عيش الناس، ويرفع علم المخاطر ويجنبهم مظاهر الخوف والارتياب على الأنفس ،والممتلكات، والأمن بمفهومه العميق لا ينحصر فقط في جهود المؤسسات والهيئات المختصة، بل يفترض أن يكون مسؤولية جماعية، ورغبة المجموعة الوطنية ومساهمة كل الفاعلين في الساحة.
خصب دائم، من خلال الشد على أيدي المشاريع والأفكار التي تسعى إلى تأمين الحد الأدني من التنمية الشاملة، التي تلبي حاجات الناس وتضمن الأمن القومي الوطني، والقيام بالواجبات من طرف الأفراد والجماعات عبر الانتظام في مشروع -تنموي شامل يساهم فيه الجميع وينتفع به الجميع.
أمل فسيح، عبر توفي فرص الوجود لكل مكونات المجتمع وإعطاء المساحة التي تمكن الأفراد والفئات من الاقتناع بالعيش والقبول بشروط الاجتماع البشري والتعلق بمقومات الوجود.وفي حديث الكاتب عن مسيرة منظومة الزوايا عبر التاريخ ودورها الريادي التعليمي والديني والتربوي يقول:
لقد حققت المسيرة التاريخية للتراكم الثقافي والفكري المؤسسة الزوايا، مستويات من الابداع الذي جلب إليه الكثير من الاحترام والتقدير، وساهم في ترقية المستويات العامة من الوعي وترقيق الذوق، من خلال الإنتاج الذي شمل مختلف مجالات الابداع الفني والثقافي والفكري والعلمي، وما تزال خزائن المخطوطات شاهدة على المنتوج الابداعي، والذي امتد إلى خارج الوطن وبالذات إلى الفضاء الإفريقي وجنوب أوروبا والعديد من مناطق العالم الإسلامي، وقد تمكنت بعض الدول من الاستثمار الذكي في الموروث الثقافي والفني والعلمي لتراث مؤسسة الزوايا وحققت به الكثير من الانجازات المهمة التي ساهمة في ترقية تنمية تلك الدول.
ومن الاستثمارات المهمة في تراث مؤسسة الزوايا التي حقتت انجازات مهمة زيادة على حركة الطبع للموروث الثقافي والفكري والتي ساهمت في الاستثمار الثقافي الذي اسس لحركة استثمارية، مكنت العديد من الدول من الانتقال إلى اقطاب لصناعة الكتب وملحقاتها كما رافق تلك الحركة الاستثمارية مشاريع فنية مكثفة ساعدت في الارتقاء بالدوق الاجتماعي العام وتهذيب السلوكات العامة.
إن الكتاب في مجمله ، يجد فيه القاريء ملمحا واضحا عن الزوايا ، وشرحا مفصلا عن مكانتها وعوامل استمرارها وتكيفها مع الحقب والازمنة ، وكيف استطاعت أن تحافظ على تموقعها والدور المنوط بها ، لا سيما رسوخها كمرجعية تنهل من المرجعية الوطنية القائمة على ثلاثية (المالكية – الأشعريةالجنيدية ) حيث يقول الكاتب: “تنتهجها مؤسسة الزوايا تقتبس من رقائق محمد بلكبير وفتاوي احمد حماني وتحفظات محمد الدرقاوي، ورحلات المغيلي، وتدقيقات عبد الرحمان الجيلالي وتنبيهات ابن باديس وتوسيعات ابن الحفاف وارشادات بن سماية وتبحر مع بلاغة البراهيمي وبحوث بلعالم، وترث نصيبا من أوقاف أبي مدين الغوث وجهاد الحداد وعفاف فاطمة نسومر، ولا تغفل توضيحات سعد الله ووقفات العقبي ولا هندسة سيدي الكبير، ولا تستنكف أن تجاري كل صاحب فضل وكرامة، وهي تستقي من تلاوة الحزب الراتب، وجنان جلسات الذكر وحلقات وعظ الزهاد، وترتقي مع رحيق مواسم الخير، مرجعية تنتمي إلى علياء الشهداء وتعتز برفعة المجاهدين وتحتفي بالعلماء وتقتفي أثر الصالحين”.






































