لها عَينَانِ مِن نُورٍ ونَارٍ
ووَجهٌ مِن تَبَاشِيرِ النَّهارِ
إذا نَظَرَتْ تَلَعثَمتِ المَرَايا
وإنْ هَمَسَتْ فتَسبِيحُ الكَنَارِي
وإنْ ألقَتْ تَحيَّتَها فقَلبي
يُبادِلُها التَّحيّةَ مِن وَقَارِي
وإنْ غَابَتْ فلا شَيءٌ بعَينِي
سِوى شَجَنٍ يُعَاتِبهُ انتِظَارِي
كأنِّي قد شُغِفتُ بهَا قَدِيمَاً
وفي الحَدَقَاتِ أحلَامِي ودَارِي
كأنِّي لماذا أعِشْ في العُمرِ إلّا
لألقَى في مَحبَّتِها اعتَبَاري
كأنِّي رُغمَ آلافِ الصَّبايا
على الأهدَابِ، نَجوَاهَا قرَاريِ
وللأَشواقِ في رُوحِي حَدِيثٌ
وهَل في الرُّوحِ غَير الانبِهَارِ؟
مَلَأتُ بِهِ أقاصِيصِي وشِعرِي
وَدَارَيتُ الحَنينَ، وكَم أُدَارِي؟!
وكَم مِن بسَمةٍ في الوَجهِ تُخفِي
جَوىً كالمَاءِ صَعبَ الانكِسَارِ؟!
ولولا هيبَةُ الأخلاقِ عِندي
لمَا وَسِعَتْ شَواطِئُها بِحَارِي!
لعَمرِي إنَّ في الأخلاقِ ثَلْبًا
على المُشتَاقِ غَضَّ الاصْطِبَارِ
أيكتمُ حُبَّهُ ويَمُوتُ عِشقَاً
ويَقطِفُ غَيرُهُ حُلوَ الثِّمَارِ؟!
وأمَّا أنْ يَبُوحَ بكُلِّ عَصْفٍ
ولا يَلقَى سِوى حَدِّ الشِّفارِ!
وتَعلمُ أنَّني كالطِّفلِ أرضَى
بمَا تُعطِيهِ مِن لُطْفِ الجِواري
ولكنّي قَليلُ الصَّبرِ حَسبِي
مِن الأقرَانِ أنْ تَرضَى خَيَارِي
ولي أَملُ الشَّرِيدِ إذا تَرَاءَتْ
لهُ في الأفقِ أضوَاءُ الدِّيَارِ
بأنْ تُعطِي لهذا الوَجدِ حَظَّاً
ولو حَظُّ العُبورِ مِن المَطَارِ
لتَعلمَ ما أُكنُّ لها وتَدرِي
بأنَّ الصِّدقَ مِن طَبعِ الكِبارِ
وأنَّ النّاسَ إن خَدَعوا فإنِّي
نَبيلٌ في البُعَادِ وفي الجِوَارِ
ومَا تَدرِي لعَلّ الله أَلقَى
مَحبَّتَها بَقَلبِي مِن عَمَارِي
فَعوّضَها وعَوّضَنِي وكُنّا
على بَابِ الأسى والانفِطَارِ
لها عَينَانِ مَحرُوسَانِ عِشقَاً
وثَغرٌ غَارِقٌ بالاحمِرارِ
وشَعرٌ مِثل شَلالٍ عَظِيمٍ
زَكيُ الرِّيحِ سَمحُ الانهِمَارِ
وعُودٌ فَارعٌ لا عَدلَ فيهِ
كَثيرُ المَيلِ صَعبُ الانحِدَارِ
وقَلبٌ ليس يَوسَعُهُ مَكانٌ
وقد وَسِعَتْ مُروءتهُ فَخَارِيِ
وأحلامٌ لها بالرِّفقِ رِيحٌ
تَدورُ مِن اليَمينِ إلى اليَسَارِ
وإنّي كلّما غُيّبتُ فيها
لَقِيتُ القَلبَ سَهلَ الانجِبَارِ
فيَا لَيتَ الّذي في القَلبِ يَحيَا
ويَا لَيتَ الّتي تَدرِي أُوارِي
تَحِنُّ بقَطرَةٍ مِن فَيضِ عَطفٍ
على زَهرِ البَنَفسَجِ في الصَّحَارِي
وتُسعِدُني فإنَّ الرُّوحَ تَهفُو
إلى تِلكَ المَسَاكنِ والحَوَارِي
إلى لَيلَى ومَن لَيلَى سِواهَا؟
أُناجِيهَا بِلَيلِي أو نَهَارِي!!
………..
شعر عبدالواسع السقاف
قصيدة حديث الشوق






































