سرّ المرأة
في لوحات الفنان سالم كورد
* اللّوحة الفنّيّة كالقصيدة الشّعريّة تدعونا إلى التّأمّل والتّفكير.
* المرأة هي منبع الخيال والإبداع
كتب … عصمت شاهين الدوسكي
أوّل صراع على الأرض .. كان سببه حواء .. صراع وجد الحبّ والكره والأنانيّة والتّضحية الجفاء واللّقاء، الحقّ والباطل، الموت والحياة.. وسيبقى هذا الصّراع إلى الأبد .. هل أكتب عن الظّاهر ؟ إذا كان الظّاهر أمام عيني لمَ أكتبه لابدّ أن أكتب عن الغموض في هذا العالم . ربّما لتفتح أبواباً موصدة … أو لنكسر أغلالا وقضباناً من حديد .
رأيت الغموض في صديق هو الفنّان سالم كورد .. هذا الفنّان المبدع ، أعلم عنه الكثير .. لكنّي أحتار في سرّ غموضه .. يمرح ، يغنّي ، يحبّ الحياة ، يتحدّث عن الحبّ الرّومانسيّة كأنّه شاعر مخضرم .. تراه كالجبل الشّامخ قويّاً ، يتبختر كأنّه صانع هذا العالم يأخذك إلى عالم سحريّ ، خيالي .. عالم غريب ، يصنع لنا الأمل .. يبني لنا الأحلام .. ربّما هذه جنة خلقها لنفسه ، صوّرها من هذا العالم الخيالي السّحريّ .. عالم تملؤه الحوريّات وفي نفس الوقت .. في نفس هذه اللّحظة . تراه كالجبل عندما ينهار … يعود إلى حزنه ، كآبته .. تشعر باليأس والهدوء في روحه .. يتألّم بهدوء ، ترى الألم في عينيه وتراه تارة كأنّه وحش هائل يريد أن يدمّر .. ترى ما هذا السّرّ …؟
الفنّان .. هو روح وجسد ولون ولوحة ، اللّوحة .. روح الفنّان وسرّه الغامض . الفنان يضحّي من أجل الحب …. يدمّر الواقع من أجل الحلم ، ربّما ضحّى من أجل امرأة .. أو ربّما هذه التّضحية لم يسجلها التّاريخ ، اللّوحة الفنّيّة كالقصيدة الشّعريّة نقرأ ونلمس وتدعونا إلى التأمل والتفكير وربما البحث في كل نقطة وخط ،ولون .. لوحات الفنان سالم كورد يغلب عليها .. عالم سحري .. فضاءات روحية ، قدسيّة .. كأنّك في عالم ألف ليلة وليلة .. يتجسّد الحبّ فى كلّ معانيه السّامية .. المرأة .. في لوحاته منتصرة دائماً قويّة جريئة حالمة، متألّمة .. تزرع في نفسك الأمل الحياة ، الجمال الطّموح الأهداف ،
يتألّق الفنّان سالم كورد .. عندما يجعل من وجه المرأة معبداً الرّوح ، النّفس ، الأمل .. وراء هذا الوجه الجميل الّذي يعبّر عن القوة والهدوء .. كثير من النّاس رافعون أيديهم لامرأة واقفة بشموخ .. تحمل في يدها اليمنى قنديلا يشعّ بالنّور للجميع … كأنّها نزلت من السّماء لتخلّص هؤلاء البشر المتعبين ..
إنّها لوحة رائعة لو تأمّلت فيها قليلا .. لدخلت المعبد بصمت.. وخرجت بصمت .. لا يتغيّر فيك سوى أنّ روحك ستسمو ويتجدّد فيك الأمل والحبّ والحياة ،كنت أودّ أن أتطرّق إلى بعض اللّوحات الرّائعة .. حيث ترى جسد المرأة .. حيناً أرضا، آخر بحراً أو مدينة ، قرية ، شجرة .. لكن أكتفي بواحدة للتّعبير عن الكلّ .. عندما سئل الفنّان سالم كورد .. عن وجود المرأة المستمرّ في لوحاته قال : « المرأة هي حقيقتي ، جهنّمي وجنّتي ٠٠) وفي لقاءاتي معه يردّد هذه العبارة .. أحبائي .. أفنوا جسدي في ظلمات جدائل حبيبتي.. يا ترى من هي حبيبته ؟ هل تسكن في روحه … خياله أم في محيطه ؟
وعندما أسأله عن طموحه ، هدفه .. يقول : سأتبع زنبقتي الّتي تنتظرني في ذلك البحر البعيد .. البعيد ….
ما سبب تعلّق الفناّن سالم كورد بهذه الصّورة العميقة ، القدّيسة ، بالمرأة ؟ ما السّرّ في ذلك ؟ كون مناقشاتنا كثيرة في هذا الموضوع . فإنّ سرّ المرأة … … هو هذه الهالة الكبيرة الّتي تسكن روحه منذ الصّغر . .. إنّه الحبّ والألم بمعناهما الإنساني .. الحبّ أمّا يسمو بالفنّان أو يشقيه … فيسقط في الدّرك الأسفل .. فما زال الحبّ يسمو بالفنان سالم كورد …
من النّصائح الّتي أسداها ( ليونارد دافنشي » لمن يرغب في أن يكون رساماً .. نصيحة حول تلك اللّحظات الّتي يبدو أنّ الخيال فيها سيخفق حين يجفّ منبع الإبداع فجأة وبصورة مفزعة …
المرأة .. بالنّسبة للفنان سالم كورد .. هي منبع الخيال والإبداع .. أي أنّ إبداعه متواصل مستمرّ . بوجود هذا الكائن الجميل .. المرأة…!
١٩٩٢/٣/٣١






































