حضارةٌ من دمٍ وعطور
في مُدُنٍ تُضاءُ بِالعَتْمَةِ،
ويُرْسَمُ الصَّباحُ على جِدارٍ مِنْ رَمادٍ،
يَتَجَوَّلُ العاشِقُ
كَأَنَّهُ آخِرُ السِّلالَةِ،
يَحْمِلُ قَلْبَهُ في كَفِّهِ،
ويَبْتَسِمُ لِلْحُرَّاسِ
الَّذِينَ يَكْتُبونَ أَسْماءَ القَتْلَى
في دَفاتِرَ مُذَهَّبَةٍ.
التَّحَضُّرُ؟
قِشْرَةٌ تَلْمَعُ فَوْقَ الجُرْحِ،
وَسَرابٌ يَبْتَلِعُ النَّدَى،
تَحْتَ أَبْراجِ الزُّجاجِ
يَموتُ الحُلْمُ مُخْتَنِقًا
بِرائِحَةِ العُطورِ الغالِيَةِ.
يُغَنِّي المَسْحورُ لِلسَّاحِرِ،
يَدورُ الدُّولابُ
وَلَا يَتَوَقَّفُ عِندَ الحَقيقةِ،
تَتَبَدَّلُ الأَقْنِعَةُ،
لَكِنَّ الوُجوهَ تَبْقَى كَما هِيَ:
مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ وَالتَّرَفِ.
يَمْتَدُّ اللَّيْلُ،
كَوِشاحٍ مِنْ أَسًى،
يُخْفِي الوُجوهَ خَلْفَ نَوافِذَ مِنْ خَوْفٍ،
تَتَسَكَّعُ الأَرْواحُ في الأَزِقَّةِ
تَبْحَثُ عَن مَعْنًى لِلسَّلامِ،
لَكِنَّ السَّلامَ
يُباعُ في المَزادَاتِ،
وَيُشْتَرَى بِدَمْعَةِ طِفْلٍ
وَنِصْفِ ابْتِسامَةٍ مَنْسِيَّةٍ.
عُطُورٌ وَوُرودٌ
تَجْلِبُهَا الحَضارَةُ،
وَيُقِرُّ بِها الشُّهُودُ،
تُرمى،
تَتَمَزَّقُ،
تَغْرَقُ
في الدَّمِ الفائِضِ
عَبْرَ السُّدودِ.
يَا حَضارَةً
تَبْنِي مِنَ الوَرْدَةِ سِجْنًا،
وَمِنَ الشَّاهِدِ صَمْتًا،
وَمِنَ النَّدَى مِقْصَلَةً،
كَمْ مِنْ قَلْبٍ مَأسورٍ
يَنْتَظِرُ حُرِّيَّةً
تُشْبِهُ أَوَّلَ نَبْضَةٍ في رَحِمِ الصُّبْحِ.
وَمَعَ ذَلِكَ،
سَنَكْتُبُ،
وَلَوْ خُطَّتْ أَسْماؤُنا
عَلَى لائِحَةِ المَغْدورينَ،
لِأَنَّ القَصِيدَةَ
هِيَ آخِرُ ما لَمْ تُفْسِدْهُ
الحَضارَةُ بَعْدُ.
بقلم الشاعر مؤيد نجم حنون طاهر
العراق






































