تَغْرِيدُ المَسَاكِينِ
أَكْتُبُ بِإِصْبَعٍ مُتْعَبٍ،
عَلَى وَرَقِ الرِّيحِ،
وَأَرْسُمُ وَجْهَ الصَّبْرِ
بِمِسْطَرَةِ الوَجَعِ.
لَا قَلَمٌ يُطِيعُنِي،
أنا وَلَا نَجْمٌ يَهْدِينِي،
كُلُّ شَيْءٍ يَمْضِي…
حَتَّى الظِّلُّ يَتْرُكُنِي لِوَحْدِي.
أَنَا المَسَافَةُ بَيْنَ الحُلْمِ وَالْجُوعِ،
أَنَا صَدَى نَغْمَةٍ مَقْطُوعَةٍ،
تُرَدِّدُهَا الطُّيُورُ
فِي صَبَاحٍ بَارِدٍ كَالْفَقْرِ.
أَحْمِلُ فِي جَيْبِي قِصَّةَ خُبْزٍ،
وَفِي عَيْنَيَّ نُقْطَةَ مَطَرٍ،
لَمْ تَسْقُطْ بَعْدُ،
تَرْتَجِفُ خَجَلًا مِنَ الأَرْضِ العَطْشَى.
أُصَلِّي فِي زَاوِيَةٍ نَسِيَهَا الضَّوْءُ،
وَأَسْتَمِعُ لِقَلْبِي،
يَنْقُرُ كَالْعُصْفُورِ عَلَى جِدَارِ الأَمَلِ،
يُرَدِّدُ: سَيَجِيءُ النَّهَارُ…
وَلَوْ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ.
هُنَاكَ،
فِي أَعْمَاقِ النَّاسِ،
يَنْبُتُ فَقْرٌ أَبْيَضُ،
يَبْتَسِمُ كَزَهْرَةٍ خَجُولَةٍ،
تَفْتَحُ عَيْنَيْهَا فِي الظِّلِّ،
وَلَا يَرَاهَا أَحَدٌ.
يَا لَيْلُ،
لَا تَسْأَلْنِي مَنْ أَنَا،
فَأَنَا حِكَايَةٌ نِصْفُهَا صَمْتٌ،
وَنِصْفُهَا أَغَانٍف لَمْ تُغَنَّ.
كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَحْلُمَ،
نَادَانِي الْفَجْرُ:
«عُدْ إِلَى وَاقِعِكَ،
فَالضَّوْءُ لَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ».
فَأَبْتَسِمُ،
وَأَمْسَحُ غُبَارَ الطَّرِيقِ،
وَأَقُولُ:
يَا رَبِّ،
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِي نَصِيبٌ فِي الْخُبْزِ،
فَاجْعَلْ لِي نَصِيبًا فِي الضَّوْءِ،
وَفِي قَلْبٍ لَا يَخَافُ الحُلْمَ.
بقلم الشاعر مؤيد نجم حنون طاهر
العراق






































