المتحف المصري الكبير.. جوهرة الحضارة وذاكرة الإنسانية .
بقلم : أشرف كمال
منارة على ضفاف التاريخ ..
يقف المتحف المصري الكبير اليوم كأحد أعظم منجزات العصر الحديث، ومعلمًا خالدًا يُجسّد عبقرية المصريين في صياغة التاريخ من جديد. إنه ليس مجرد بناءٍ ضخمٍ يضم آثار الأجداد، بل تحفةٌ فنيةٌ تنتمي إلى التراث الثقافي الإنساني، تُجسد تزاوج الإبداع المحلي مع الرؤية العالمية في مشروعٍ يُلهم الدهشة ويصون الذاكرة.
تجسيدٌ للنجاح الإنساني المشترك ..
جاء المتحف ثمرةَ تعاونٍ دوليٍّ واسع، ومسابقةٍ عالميةٍ اختير على إثرها التصميم الذي جمع بين جلال الحجارة المصرية القديمة وأناقة التقنيات المعاصرة. فطريقة البناء والدعم المالي، والعقول التي اجتمعت من شتى الأمم، تؤكد أن النجاح في هذا العصر لا يولد من الانعزال، بل من تلاقي الخبرات والإيمان الجماعي بقيمة التراث الإنساني المشترك.
مصر.. الجسر الأبدي بين الحضارات ..
لطالما كانت مصر جسرًا يربط الشرق بالغرب، والعروبة بإفريقيا، والتاريخ بالحاضر. ومن خلال المتحف الكبير، تعيد مصر اليوم تأكيد هذا الدور العريق، إذ يتحول التراث إلى لغةٍ حيةٍ للحوار بين الشعوب، ومنصةٍ عصريةٍ للتفاهم والتقارب الإنساني.
بين عبق الماضي وإشراقة الحاضر ..
كل زاوية في المتحف تحكي قصةً مزدوجة: مصر القديمة التي أنارت التاريخ، ومصر المعاصرة التي تصوغ مجدها في الحاضر. فالعمارة المذهلة والمعروضات النادرة ليست إلا الواجهة المادية لروحٍ أعمق؛ روح الثقافة والفكر والفن التي جعلت من المتحف مركزًا عالميًا للبحث والإلهام.
“GEM”.. الاسم الذي يلخص المعنى
اختصار المتحف المصري الكبير بالإنجليزية “GEM” لم يأتِ عبثًا، فهو بحق جوهرة الحضارة والإنسانية. في أروقته تلتقي العلوم والفنون والتكنولوجيا، وتتحدث الأزمنة بلغاتٍ مختلفة لتقول للعالم: “ها هي مصر، ما زالت منارة الدهشة الأولى”.
موعدٌ مع السحر عند أقدام الأهرامات :
في الأول من نوفمبر، اتجه الزوار من أنحاء الأرض إلى الجيزة، حيث تمتد أنفاس الأهرامات العتيقة نحو صرحٍ حديثٍ يوازيها مجدًا. إنها ليلة مصرية ساحرة، تتلاقى فيها الرمال الذهبية مع أضواء الحاضر، لتشهد ميلاد فصلٍ جديد من المجد المصري الخالد.
من الماضي المجيد إلى الحاضر المشرق :
المتحف ليس ذاكرةً فحسب، بل بوابةٌ نحو المستقبل، تعكس عمق الهوية المصرية في أبهى صورها. هنا يحضر صوت كوكب الشرق مرددًا أبيات حافظ إبراهيم:
“وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً , كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي”
فما أشبه اليوم بالأمس، حين يقف بنّاءو المتحف الكبير في تحدٍّ جديد، يرفعون قلاع المجد بأيديهم، لا بالحجارة وحدها، بل بالفكر والإبداع والإيمان بالإنسانية.
إنجازٌ للدبلوماسية والعلم والإرادة
إن هذا الصرح الفريد هو ثمرة جهدٍ وطنيٍّ ودوليٍّ مشترك، تُنسب فيه البطولة إلى الدبلوماسيين، والمعماريين، والأثريين، وكل من أسهم في تحويل الفكرة إلى منارةٍ إنسانيةٍ تضيء للعالم طريقه نحو المعرفة والسلام.
سفير الإنسانية عبر العصور
من ضفاف النيل إلى شواطئ المتوسط والبحر الأحمر، يمتد الإرث المصري كرسالةِ محبةٍ وتنويرٍ إلى العالم أجمع. فالمتحف الكبير لا يحكي فقط تاريخ مصر، بل يرويه باسم الإنسانية كلها، باعتباره سفيرًا للسلام والتفاهم والتواصل الثقافي.
إرثٌ للأجيال القادمة
لا شك أن الأجيال القادمة محظوظة بهذا المشروع الفريد، الذي سيغدو مركزًا عالميًا للحوار والتبادل الثقافي والمعرفي، وركيزةً لتطور الفكر الإنساني. فهنا تُولد الطفرة الحقيقية، لا في الحجر ولا في التمثال، بل في الروح التي تؤمن بأن الحضارة مسؤولية مستمرة.
رؤية القيادة المصرية وبُعدها الحضاري
يقف المتحف المصري الكبير شاهدًا على بُعد النظر والنهج الثابت للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي جعل من حماية التراث ونشره ركيزةً للهوية الوطنية ورسالةً عالمية في آنٍ واحد. فبهذه الرؤية، لا تُصان الآثار وحدها، بل تُصان روح الأمة.
خاتمة.. من مصر إلى الإنسانية
إن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس حدثًا محليًا، بل لحظة إنسانية كبرى توحّد الشعوب حول قيم المعرفة، والتسامح، والسلام. إنه رمزٌ جديدٌ للفخر الثقافي والإنجاز الحضاري، وشهادةٌ على أن مصر، مهد الحضارة الأولى، ما زالت قادرةً على أن تُلهم العالم وتُعيد تعريف المجد الإنساني في صورته الأبهى.






































