بقلم … منية نعيمة جلال
أنا ابنة الحبر، لا ابنته
لم أنبُتْ من رحمٍ
بل من قطرة حِبر سالت خطأ
على صفحة بيضاء
فأيقظتْ فيّ اسما لم أطلُبْه
تربّيتُ في ظلّ الكلمات
كانت أمّي مفردة تُشبه الدّعاء
وكان أبي فاصلةً
تضعُ المسافة بيني وبين نفسي
علّمتني اللّغة أن أحنو على الجرح
كما يحنو الضّوءُ على ظلّه
قالت لي:
إنّّ الألم شكل من أشكال الفهم
فآمنتُ بها
حتّى صرتُ أفهم كثيرا وأشفى قليلا
في ليالي البوح
كنت أضع رأسي على ركبة القصيدة
فتُغنّي لي :
نامي يا صغيرة الحروف
غدا يكبُرُ المجازُ ويُغادِرُك ِ
لكنّ المجاز لم يُعادِني
ظلّ ينامُ في دمي
ويستيقظُ كلّما كتبتُ أسمي
انا ابنة الحبر
أحمِلُ لونه في صوتي
ومرارته في دمي
كلّما أحببتُ سالت منّي جملة
وكلّما فُجِعتُ
أنْبٓتَ حُزني مرادفا جديدا للغياب
لم أعدْ أبحثُ عن أب في اللّغة
ولا عن خلاص في القصيدة
أبحثُ عن الله في المسافة
بين نقطتين
عن وجهي في الهامش
عن حياة لا تتهجّاني
بالحروف القديمة
يالغة البداية
اغفري لي أنّي تمرّدتُ عليك
أنّني كسّرتُ القلم لأسمع قلبي
أنّني كتبتُ الوجع
بيد ترتجف وتتبتسمُ
أنا الّتي تخلّيتُ عن الوزن
لِتَزِنَ نفسها
عن الإيقاع لتَسمع نبضها
أنا الّتي كلّما نزفتُ
أنبتُ وردة في المعنى
ثمّ خبّأتها في صدر القصيدة
وقالت للعالم :
هذا الوجع حين يُصبِحُ ناعما
بقلم … منية نعيمة جلال
تونس






































