“برتقان”في خطر!…
كثيرًا ما تكون الأحلامُ رسالة نتّخذ منها عبرةً لواقعنا…
والكتابة أرقى رسالة هادفة،يحملها الكاتب بدقّة المصوّر مُلوّنة بإحساسه المرهف …
رسالةٌ محوريّة ،لاقطة للأحداث ،
ووسيلة للتّعبير عن فكرة تلفتُنا ، إن في الواقع أوِ الخيال ،أوِ الأحلام…
أمّا قلمي اليوم فيَنغمسُ في محبرةٍ ،تعكّرت من حلمِ اللّيلة الماضية…
موضوعُهُ ؟ هذه المعضلة الّتي تحدث في بعض البيوت …
حيث تقيم بيننا :عاملات في الخدمة المنزليّة …
حلمتُ أنّني في بيت لا يشبه بيتي ، والأفراد فيه ليسوا أولادي ، ولا أقاربي…
لكن في الحلم تربطني بهم علاقة قربى …أسلاف وعيالهم كأنّنا في قبيلة …
وفتاة أثيوبيّة في مقتبلِ العمر جميلة … تعملُ عندنا …
في الحلم لم أكن في البيت ، عندما عدتُ وجدتها مكتئبة ترتجف من البرد … رفعت بيديَّ قميصها ،لأتأكّد أنّها ترتدي تحتَ قميصها الصّيفي لِباسًا مؤهّلًا لفصل الشّتاء…
أحضرت كنزة صوفيّة ذاتِ قبّة عالية ، أساعدُها على إدخالها في رأسها المنحني …
وبقيت ترتجف…
راحتْ تنظر برعبٍ إلى النّافذة كأنّها تطلب النّجدة …
عادةً ،أحرص على عدم تعاطيها مع الأخريات كي لا تتعلّم أمورًا لا تُحمدُ عقباها ،وتتغيّر تصرّفاتها …
اقتربتُ من النّافذة ، ودُهشتُ ممّا رأيت …
في الخارج، أعدادٌ من الفتيات، بشرتُهنُ داكنة!…يحاولن التّواصل مع” برتقان “(اسم الفتاة الّتي تعمل عندنا)…
سألتها بنبرةٍ :”أمّا نبّهتك بعدم التّعاطي بغيابي مع أحد دون علمي”؟
نهرتُهُنّ بصوتٍ عالٍ صارم …ابتعدنَ جميعًا … إلّا واحدة…
لا أنسى وجهها ولا عينيها الّتي يتطاير منهما الشّرر…
تُرى ما سبب غضبها ،وعنادها وثباتها في مواجهتي؟…
سألتها :ما الأمر؟ …أجابت: “برتقان “في خطر عندكم…
استعدتُ هدوئي ، لأعرف الحقيقة …وقدّرتُ اندفاعها…
ليتنا في هذا المنزل نُشبههنَّ، متفاهمين ومتعاضدين …
نظرت إلى المتسكّعين ذوي القربى… بعضهم تأخروا في السّهر …
ما زالوا في أسرّتهم … نائمين تُغطّيهم ملاءات بيضاء قد لا تشبه قلوبهم…
وفي آنٍ ،لا يفوتني ما أسمعُه من الغريبة الّتي قالت “برتقان في خطر عندكم “…
(يتبع ) :
(كي لا أطيل …
سعادتي أن أشارك قرّائي كلماتي…
لغتنا ، لغة الضّاد للأسف تدنّى مستواها في أيّامنا…
ورغبة المطالعة، واتّقانها في انحدار… )
الحسناء ٢٠٢٥/١٠/٢٢






































